حازم يحيى: كتاب اللاوهج

Kiki Smith, “Etc., Etc.”, 1999. Source: moma.org

(١)
تضيئني أفكار مرعبة
وأخرى عشوائية
لأجل هذا أعير المستحيل معنى
وأتداخل في الليل
ربما تنحدر اللحظات أحجارًا على صدري
وربما يضطجع زمني على حافة ملساء
لكن يظل الثبات دائمًا مشهدي الخيالي
فأسير كمرأى ليلي لمن أحب

استمر في القراءة

هرمس: الدخان

Julian Schnabel, “The Student of Prague”, 1983. Source: guggenheim.org

١
في النهار الغائم الذي وجد فيه محمد ذكرياته، كانت السماء قريبةً، والطقس أبرد من المعتاد. إن الخريف إلى زوال، والشتاء القادم قد يحمل له أكثر من عقبة. نظرةٌ إلى القمر منذ عدة أسابيع ذكرته، أو بدأت تدوير دولاب الذكريات. كانت حياته الرتيبة تتكسر ببطء، وهو بعد أن جرّب الروتين، نسي أيام صعلكته دون نظام يذكر. بحث عن الروتين في ثمانية مشافٍ نفسية، بين الأطباء والممرضات، ولم يجده؛ القيمة الأصلية عنده كانت أن يتحلى الناس بالذوق، والذوق هو أن تجرّب بذاتك، أي أن تنغمس بنفسك في التجربة، وبين الأعوام جلس يفكر؛ ها هي الأيام تمضي به، وصل لأمريكا أخيرًا، والجو باردٌ والوجوه باردة، الشجر الشهير عارٍ، والسماء مكسوة بغلالة سميكة من الركام.

استمر في القراءة

مينا ناجي: في الموت لا يوجد شهور وقرون

Elliott Erwitt, New York City, 1953. Source: magnumphotos.com

“كيف يمكن تهدئةُ ظِلِّ الموت الذي بلا حراك؟”
– جويس منصور
١
لنرجع إلى الحقائق الواقعة:
شاب سمين يتبول على قارعة الطريق.
أنا مأكول بالحزنِ واستولى عليّ الغضب،
لأنها من المؤكد ليست أنتِ
ولا يمكن أن تكون.
الأشياء المادية حزينة،
وكذلك فوق المادية.
أمشي على الأسى بقدميّ الاثنتين،
ولا أعرف عن البركة شيئاً.

استمر في القراءة

إلى حد اعتقادنا أن الفِناء سماء: شِعر حازم يحيى

Statue inside the Kom El Shoqafa catacombs (AFP image). Source: middleeasteye.net

مقبرة يونانية قديمة
في طفولتي،
دارت بي السماء فهويت إلى الأرض
على مستوى نظري تجاويفُ في الحائط
قبورٌ سريرية لعائلة قديمة
قدم هذه المدينة
ألهث والعرق يغطي جبيني
تهرع أمي بحبات بن لتَلأم الجرح.
في كهولتي،
دارت بي السماء فهويت إلى الأرض
هرعت أمي لتضع باقة زهور على قبري.

استمر في القراءة

هرمس: الطريق مفقودة 

Julian Schnabel, Ithaca, 1983. Source: en.wahooart.com

بينما أحمي النار على سيجارة الحشيش الإلكترونية، على زجاجتها لأستخلص نقطتي زيت على السيجارة المارلبورو الأبيض فئة مائة، أفكر، هل كانت آفنستن إيثاكا انتهت؟ حتى رحيلي بها في المكان انتهى. في الصباح قبل ذلك، ذهبت إلى مشفى آفنستن، ركبتي تؤول إلى انتهاء، وذلك الشاب التالف انتهى هو الآخر. نهار آخر بعيدٌ عن الطريق، الطريق خاليةٌ ومليئة بضباط المرور، والقرصان عاطلٌ ومريض. عليّ أن أنجزَ شعرًا انتهى هو الآخر بشعورٍ من الخدر الغازي. كلما دخلتُ إلى البيت، أصبتُ بالنعاس، وكلما خرجت إلى الطريق أنهكني المشي. نهار أمس قرأت أربع آياتٍ من التكوين، كانت الدنيا غائمةً في عيني، والأصدقاء، جزرُ عطلاتٍ بعيدة عن متناول يدي؛ يمرح الأصدقاء. لماذا نفدت إيثاكا؟ والعيون المحيطةُ بها، جبارة الجرأة على الخيال، والخيال، وترديدة الأمس، بحياتي وبخسارتي. ثمة انطلاقة معطوبة في الحارة الخلفية، بينما أدخن ببطء بعيدا عن أجهزة التنصت، بعيدًا عن عين أخي الكبير، بعيدًا عن دوري عموما، أدخن ببطء، أحرق انتظاري للشتاء بنجاح، أتصور جليد ينبوع الحياة، متجلطا على حافةٍ عميقة، يتألم بصعوبة. أسمع صديقي، لكنني حين وصلتُ إلى آفنستن، لم أعد أسمع، بل إن الصباح هنا، استمر ثلاثة أشهر، منذ خروجي من لعنة الطائرات، وحتى وصولي إلى الضاحية، متحسسا بعمًى أوجه من أعرفهم. الطريق مفقودة.

نحن نسكن هنا منذ سنوات: قصائد هدى حسين

Youssef Rakha, 2013

شبابها الذي أهدرته في تنظيف الحمامات
لأسباب لا أعرفها،
.
من أجله
كانت تترك الصنابير مفتوحةً
تنظر إلى الماء الذي يتدفّق نظيفًا
.

استمر في القراءة

إيمان عبد الرحيم: العلامة

larger

Jock Sturges, Misty Dawn and Jeremy; Northern California, 1989. Source: artsy.net

“فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سورة البقرة، آية ٢٥٩

 

“تاكسي! مصر الجديدة؟”
يركن التاكسي على جانب الشارع لتركب، وتنظر للساعة الرقمية فوق العداد لتجد أنها الثامنة والنصف.
في أول إشارة مرور تقابلهم في الشارع على كورنيش “المعادي”، تشرع في التأفف مللاً من الزحام، ثم إن السائق يستمع على كاسيت السيارة إلى المطرب “مصطفى كامل” بصوته القميء، في أغنية “نادم”، والتي لا يتوقف فيها عن الندب. تلوم نفسها على كونها نسيت أن تحضر معها “الإم بي فور“ وكتاب ما، لتتسلى بقتل الوقت معهما في مثل هذه السكة الطويلة.
 تذكرت أن معها ”الأيبود” ذا البطارية شبه الفارغة، لا بأس، يمكن على الأقل أن تمضي بعض الوقت بلعب فيديو جيم “كاندي كراش”. فصل شحن “الأيبود” سريعاً كما توقعت، فقررت أن تركز في الطريق. كانا قد وصلا إلى شارع “صلاح سالم”، ناحية “عين الصيرة”. الطريق بشكل عام جيد، خالي من الاختناقات المرورية، حمدت الله، وواست نفسها بوصول قريب للبيت. عند “القلعة” فوجئت بسيارات ترجع عكس اتجاه السير رغم خواء الشارع، سألت السائق متعجبة، فأجاب بأنه لا بد أن هناك شيئاً ما يحدث في مقدمة الطريق، نظرت إلى الشارع أمامها، فوجدت الشارع خاليًا من أي اختناق على مدى بصرها.

استمر في القراءة

آية نبيه: الآن

Niki Boon, from “Wild and Free”. Source: burnmagazine.org

كان على كل اثنين أن يمشيا بحيث يتقدم أحدهما الآخر بخطوة مغمضًا عينيه، بينما يضع الثاني كفه على ظهر مغمض العينين بدرجة تحذره قبل أن يرتطم بشيء ولا تدفعه إلى اتجاه معين. أسميتها وصفة الوجود والخفة. يمشيان هكذا لبعض الوقت ثم ينفصلان. ينتظر صاحب الكف في مكانه ويتحرك مغمض العينين وحده إلى أن يكتفي، وهنا عليه أن يجد طريق العودة نحو الكف، دون أن يختلس النظر، ليستأنفا مشيهما.

استمر في القراءة

محمد ربيع: أحمال

odalisque-by-hassan-hajjaj

Hassan Hajjaj, “Odalisque”. Source: offmag.blogspot.co.ke

في الأول من فبراير عام ١٩٥٧، وفي مدخل قصر الأمير عبد المنعم، توقف ضابط شاب مواجهًا الأمير بصرامة معتادة. أخبره أن عليه الرحيل، عليه ترك القصر فورًا. بدون أن ينطق حرفًا، عاد الأمير إلى الداخل، ثم خرج وفي يده حقيبة، ابتسم للضابط، وتحرك نحو السور الجنوبي للقصر.

استمر في القراءة

No more posts.