توجيهات البداية: راضي النماصي يترجم دانيَل أوروزوكو

Source: amazon.com

المكاتب هناك والحجرات هنا، وتلك حجرتي وهذه حجرتك. هذا هاتفك. لا تجب على الهاتف أبدًا، دع نظام الرد الآلي يجيب عليه. هذا دليل استخدام نظام الرد الآلي. المكالمات الهاتفية الشخصية ممنوعة، لكننا نسمح بها في حال الطوارئ، وإذا اضطررت للقيام بمكالمة شخصية طارئة، فاطلب الإذن من المشرف عليك أولًا. وإن لم تستطع العثور على المشرف، فاطلبه من فيليب سبيرز الجالس هناك. سيتحقق من الأمر مع كلاريسا نيكس الجالسة هناك. إن قمت بمكالمتك الهاتفية الطارئة دون إذن فقد تُفصَل. هذان صندوقاك للوارد والصادر. على كل نماذج العمل في صندوق الوارد لديك أن تكون مسجَّلة بالتاريخ الظاهر في الزاوية اليسرى العليا، وموضوعًا عليها أول حرفين من اسمك الأول واسم العائلة في الزاوية اليمنى العليا، وموجودة لدى محلل التوزيع ذي الاسم المشفَّر بالأرقام في الزاوية اليسرى السفلى، أما الزاوية اليمنى السفلى فتُترك خالية. هنا “دليل أرقام محللي التوزيع”، وهنا نسختك من “دليل إجراءات صياغة النماذج”.

استمر في القراءة

أمجد الصبان: اللسان

albino-children-tanzania

Tony Karumba (Getty), albino children in Tanzania, 2009. Source: newsweek.com

بعد منتصف الليل، استيقظت فجأة. رفعت رأسي قليلا عن المخدة، ونظرتُ إلي. الساعة التي تشع لونا أخضر في الظلام، كانت العقارب تشير إلي الرابعة فجرًا، قلت لنفسي ” هانت”، مجرد ساعتين وتتوفى جدتي، ثم تتغير حياتي عقبًا على رأس.
كنت أتلهف إلي لحظة وفاتها، وهي من خلقت هذه اللهفة. أخبرتني في لحظة صفاء منها، ولحظة إحباط ومعانأة شديدة مني، إنها عندما تموت سيصاب جميع أفراد العائلة باللعنة، وحينها أستطيع أن آخذ كل النقود والذهب المرصوص في بيت العائلة وأهرب بعيدًا. ثم أضافت بحب ” تستاهل إنتَ وأمك، تعبتوا كتير”.

استمر في القراءة

ناهد نصر: أربعة نصوص عن الموت

NICARAGUA. 1981.

Susan Meiselas, Monimbo woman carrying her dead husband home to be buried in their backyard, Nicaragua, 1979. Source: magnumphotos.com

تعتيم
صباح سكندري آخر ينتهي بالعودة للقاهرة. لا شئ في هذه المدينة يشبه شيئاً آخر تعرفه. حين تزورها كسائح تاريخ تحمل رائحته في قلبك وتنظر للبحر من هذه الشرفة العتيقة. وتنتظر حتى تمتلئ الرئتان. قضيت ليلتي مع فيرجينيا وولف: ما هو أسوأ من رواية؛ تتبُّع سيرة حياة منذرة بالأسى، رومانسية وشائقة حين تقرأها في كتاب لكنها تطلق في أوصالك ارتعادة حين تكتشف حجم الشبه بينها وبين الواقع. واقعك. تنظر فيرجينيا معك إلى بحر الإسكندرية، يأخذك الهواء المالح لثلاثينيات القرن الماضي، بينما كانت تفكر في طريقة للموت هرباً من العالم، من غول الحرب ومن الجنون. تُرى ماذا يكون شعورها إن هي أسندت مثلي مرفقيها على هذا السور المنتمي للقرن الماضي وواجهت البحر بعين بينما العين الأخرى ترقب مسيرة صغيرة لمجموعة من الشبان الغاضبين على استيلاء أسوأ ترس في ماكينة اليمين الرجعي على البلاد. أقرأ: “وكانت فيرجينيا قد قررت مع زوجها يهودي الاصل ان يتخلصا من حياتهما بالغاز السام لو تمكن الألمان بقيادة الجيش النازي من اجتياح لندن…” هل الرحيل إجابة السؤال؟ يصدمني طريق مسدود مع مُلوحة الهواء. لمن نترك هذا الجمال كله؟ تجيب المترجمة من وحي خيالها على لسان وولف: “لو كنت أعلم بهزيمة الألمان لما قررت التخلي عن الحياة.” يراودني الشك في خيال لا يدرك القوة الكامنة في قرار الموت الاختيارى. أعود لتعليق وولف المتأسي: “كيف تعتمون المدينة الجميلة بالسواد مخافة الحرب، التعتيم اسوأ من الحرب.” هذا ما تقوله: التعتيم اسوأ من الحرب.

استمر في القراءة

No more posts.