هرمس: الدخان

Julian Schnabel, “The Student of Prague”, 1983. Source: guggenheim.org

١
في النهار الغائم الذي وجد فيه محمد ذكرياته، كانت السماء قريبةً، والطقس أبرد من المعتاد. إن الخريف إلى زوال، والشتاء القادم قد يحمل له أكثر من عقبة. نظرةٌ إلى القمر منذ عدة أسابيع ذكرته، أو بدأت تدوير دولاب الذكريات. كانت حياته الرتيبة تتكسر ببطء، وهو بعد أن جرّب الروتين، نسي أيام صعلكته دون نظام يذكر. بحث عن الروتين في ثمانية مشافٍ نفسية، بين الأطباء والممرضات، ولم يجده؛ القيمة الأصلية عنده كانت أن يتحلى الناس بالذوق، والذوق هو أن تجرّب بذاتك، أي أن تنغمس بنفسك في التجربة، وبين الأعوام جلس يفكر؛ ها هي الأيام تمضي به، وصل لأمريكا أخيرًا، والجو باردٌ والوجوه باردة، الشجر الشهير عارٍ، والسماء مكسوة بغلالة سميكة من الركام.

استمر في القراءة

نحن نسكن هنا منذ سنوات: قصائد هدى حسين

Youssef Rakha, 2013

شبابها الذي أهدرته في تنظيف الحمامات
لأسباب لا أعرفها،
.
من أجله
كانت تترك الصنابير مفتوحةً
تنظر إلى الماء الذي يتدفّق نظيفًا
.

استمر في القراءة

في مأمن من الريح والتاريخ: شِعر روبرتو بولانيو ترجمة أحمد يماني

Gueorgui Pinkhassov, Tijuana, July 2012. Source: magnumphotos.com

بين الذباب
أيها الشعراء الطرواديون
لم يعد هناك شيء مما كان يمكن أن يكون لكم
موجودا
لا معابد ولا حدائق
ولا شعر
أنتم أحرار
أيها الشعراء الطرواديون الرائعون.

استمر في القراءة

محمود عاطف في عيد ميلاده: المسيح زائد عامين

Courtesy of Mahmud Atef

لم أكن ولدًا للرّغبة، ولم تلدني أمّي تحت شجرة، قالت العادة كن فكنت.
أهلي ساروا في طريقٍ نسوا عليه فؤوسهم من بعد خطوات “الزعيم الخالد”؛ وكلما نضجت جلود الأفندية تدفن الحقول خجلها في بذور الزرع ولا تطرح سوى الحنين*. حائرون من غير سؤال عن معنى الحيرة*، لكنّي صُنعتُ على أعينهم بين أسوار التقاليد المدينية لطبقة الموظفين، ولم أعرف براح الانعتاق طفلًا إلا عند الفلّاحين. لم تكن “أخلاق القرية” سُلواني، إنما إفلات الحبل على الغارب بلا رقابة ولا تكدير؛ هذا مع أن بيت العائلة، حيث تعيش الجدة التي قاربت التسعين من عمرها وحدها، ليس فيه سوى المشّ والعسل الأسود وبيضات فرخاتها والبتّاوي، وكل ذلك كانت تعافه شهية الفتى “أبو نضارة” بعد أيام قليلة من إقامته عند أم أبيه. حُبًّا في الحرية أمكث، وحينما يأتي الليل ألعن الوحدة ونقيق الضفادع، وتُسكِن روعي قليلًا قنوات التليفزيون الأولى والثانية.

استمر في القراءة

دينا ربيع: على أعقابهم ينكصون

Shakir Hassan Al Said, The Victorious, 1983. Source: barjeelartfoundation.org

البيت شاجٍ. أهله أطفال لا يلعبون، وشباب لا يعرفون شقوة الحب ولا سكرته، وعجائز جرت أعمارهنّ إكسبريسَ في بلاد تصرف حكوماتها على البنية التّحتيّة ما يحفظ ماء الوجوه.
على الحوائط ذكريات عنف وزعيق ونحيب وسكّين يتبادلها طرفا خناقة هزليّة. يعرف الطّرفان والشّاهدون والحوائط وكرسيّ الصّالون الذي يهامس أخاه بعد أن ينام ساكنو البيت أن أحدهما لن يذبح الآخر بها، لأنّ ليلة كهذه لا تخلص إلى نهاية كتلك، ولا تحسن سكّين المطبخ القِتلة، غير أنّهما يطيلان التّناوش بها ليزيدا على المشهد القبيح قبحا، ويخرّبا أعصاب الصّغار أبدا. 

استمر في القراءة

سنابل عبد الرحمن: نصان

NYC23079

Thomas Hoepker, Giza Pyramids with army of “trash people” by artist HA Schult, 2000. Source: magnumphotos.com

غيوم
غزل البنات في السماء
كالأمل المزمن
كالذكرى المليحة
كاليد التي تمسد مخاوفنا
ولا تترك لغيلان النفس ظلاً
يشمت بوجوهنا المتوثبة.
تنطلق السيارات في الشوارع المبللة
تصدم صدورنا فنسقط كالزجاج
وتسقط معنا
جميع
الأنوار.
.

استمر في القراءة

مينا ناجي: الجيم

Shakespeare Quartos Project

Shakespeare Quartos Project. Source: Wikipedia

إلى يوسف رخا
.
يا إلهي، أستطيع أن أُحبس في قشرة جوزة وأعدُّ
نفسي ملك الحيز اللانهائيّ، لولا أنّ عندي
أحلامًا سيئة.” هاملت، الفصل الثاني، المشهد الثاني
.
حين يشرعون بقول “عاش” يجول في خاطري إني أحاول أن أبدأ شباباً آخر عبر تحول جسدي.
في أحلامي أبكي وأسافر بشكل متكرر، وأحياناً أتصارع بالأيدي والركلات مع الهواء أو أشخاص من الماضي البعيد.

استمر في القراءة

يوسف رخا: خمس ملاحظات على عودة باسم يوسف

Bassem Youssef. Source: enigma-mag.com

(١)
أهم ما يقوم به باسم يوسف هو أنه يبروز قابلية المصريين على السخرية من أنفسهم بلا وعي – وهي صفة لا أظن مجتمعاً آخر يتمتع بها بالشكل نفسه: ذلك التطرف الـBaroque في التعبير عن الآراء السياسية بالذات – الأمر الذي اتضح بشكل غير مسبوق في الإعلام منذ ٢٥ يناير. فكثيراً ما يبدو الأمر، سواء بمساعدة المونتاج الذي يقوم به معدو “البرنامج” أو بدونه، كما لو أن المنحاز لطرف ما إنما يعمل في الحقيقة ضد ذلك الطرف بمنطق المفارقة الساخرة… وهل هناك “إساءة” للسيسي أو تقليل من قدره ومن قدر القوات المسلحة بل والأمة المصرية متمثلة في شخصه أكثر من الاحتفاء الإعلامي بتحول “القائد التاريخي” إلى شيكولاتة تباع بالكيلو؟ وهل هناك “إيحاء جنسي” وذكورية ساقطة أوضح من وصفه المتكرر بكلمة “دكر” من جانب رجال ونساء على حد سواء؟ باسم يوسف أكثر الوقت لا يسخر إلا من مسخرة حاصلة، ولا يتيح له أن يسخر بهذه الطريقة من شخص أو جهة كالتيار الإسلامي مثلاً إلا أنّ سخرية تلك الجهة اللاواعية من نفسها لا تقدّم بوصفها كذلك ولكن، من شدة جهل وتفاهة ولا أخلاقية مقدميها، بوصفها تمجيداً و“تلزيقاً” أو مبالغة مرضية في الانحياز للذات.

استمر في القراءة

No more posts.