مي المغربي: نصوص للذين نبتت في أدمغتهم أرجل

Image by Mai El Maghraby, courtesy of El Mai Maghraby

 

قبل أذان العصر أكتشف أنني انتهيت من التهام نفسي. عندما أقول لا شيء قادر على تدميري فأنا أعنيها، لم يتبق شيء. كل يوم آكلني.

أود خلع كتفي الأيمن
يوميا أتمنى ذلك
أن أمشي بدون كتف
بدون جانب أيمن
خمس أصابع تكفي
لحمل كوب قهوة
للصفع
لإشعال سيجارة
أو نبش ماضي أحدهم
ربما ينجيني من سلامات
من أحضان لا يبررها إلا التلامس
ربما يخافون مني
من يريد الاقتراب من امرأة بلا كتف؟
لا أحد يحب أن يلقي التحية على يد يسرى

استمر في القراءة

محمود حمدي: في انتظار النهار

Roy Lichtenstein, “Sunrise C. II.7”, 1965. Source: 1stdibs.com

ضاع اليومُ في تغريدِ العصافير
رأيتُ جارتي المنشدة
غارقةً في نميمةٍ ملحمية
تتلو فصلها العاشرَ مع خيطٍ أبيضَ أنهى سطوة الليل.
تلكَ العصافير تنهشُ وعيي
تقتاتُ على التركيزَ
وتفتت اليوم كبسكويتةٍ قضمتها على سريري.

استمر في القراءة

كارول صنصور: معنى الإزاحة

Portrait of Sahar Al Saleh, courtesy of Carol Sansour

أتعلمين معنى الإزاحة يا سحر
أنا أيضا لا أعلم
يبدو أنه مصطلح بشبه رحلتك الأخيرة 
خسرت أكثر من نصف وزنك هناك
على حافة الربيع
حيث كتبتِ لي رسالة تقولين
لا أقوى على الكلام
والكتابة صعبة جداً

استمر في القراءة

مينا ناجي في عيد ميلاده: مُصالحة خَاسر جيّد

By Youssef Rakha

— في بداية كلامي أحب أن أؤكد على شيءٍ. مهما بدا الأمر فأنا لم أُرد أن أوجِّه لكِ تلك الأشياء التي قُلتها. كنتُ مجرَّد أحمق بنسبة ذكاء أتوبيس نهري. وكانت تلك أول مرّة أدخل فيها هذا المول. مرّة قبل سنوات دخلتُ ‘سيتي ستارز’ مع صديق ليبي وهَاله منظري. المهم، حين وصلتُ يوم الجمعة المُشمِس على غير المتوقع إلى المول، كنتِ باردة معي. أتيتُ متأخرًا لأني أوصلت بابا إلي هايبر-ماركت جديد وتركته هناك ليرجع وحده. صعدنا على عجل، وحدث أن السلم الكهربائي كان مُعطلاً، وعلينا الصعود بالمصعد، وأنتِ تعرفين أني لا أحب المصاعد. اندفعتُ خارجًا لما تردّد الباب في الانغلاق وطلعت على السلم المُعطل ليوبخني عمال الصيانة. تجاهلت الأمر لوقتٍ لاحق. كان الفيلم الكوميدي سخيفًا وساذجًا بشكل غريب. لم أضحك ولا مرة. فقط ابتسمت مرتين أو ثلاثا، وأنتِ تضحكين بشعور خفيف بالذنب جانبي وما زالت باردة. في الاستراحة تحجّجتُ بأني أريد أن أرى طلاء أظافرك الجديد ولكنك سحبتِ يدكِ بحزم وبان عليك الضيق أكثر من الخجل. تحمَّلتُ إلى ما ظننته نهاية الفيلم ونزلت متجمدًا من هواء التكييف المبالغ فيه لتمكثي نصف ساعة أخرى بالداخل.

استمر في القراءة

مهاب نصر: نحن لا نُغلَب في ملعب الحب.. لأننا نسرع بالفرار

Walid Ebeid, “Parting Carols”, 2018. Source: artsy.net

هذا ما قررته إذن.. بسبب العمل المنهك فقط، لا سبب آخر.
لا أشكو، أصارحكِ، على العكس، إن الجهد المضني بلا طائل يجعلني متيقظا دائما، كذبابة يطير وراءها أحدهم بمذبة. حين أغادر إلى البيت لا أكون راغبا في قضاء بقية الوقت نائما، هكذا أستثمر في الأحلام. عادة قديمة. الأحلام تجلعني يقظا أثناء النوم. لا تناقض أبدا. المذبة هنا أيضا. وكلما ظنوني ميتا، سُمع الطنين نفسه، فوق أنف أحدهم أو عند جبهته. غير مؤذ كالعادة. لم أكتب إليك من أجل هذا، بل لأنني تساءلت أيمكن أن يُصنع شيء حقيقي من حلم؟.. فكرة مثلا.. حياة حقيقية؟ أتخيفك الأحلام، هل تفقدك توازنك في النهار، هل تطن فوق أنفك كذبابة؟ أهي قادرة على إيذائك؟
كتبت هذا إليك لأنها أصبحت طريقتي للتحقق من أفكار معينة. بعض الفقرات كانت تضحكني حتى قبل أن أبدأ. لا يحدث هذا مع الكتابة فقط. بل الأحلام أيضا، أعني تذكري للأحلام التي أحكيها لنفسي.

استمر في القراءة

من أجل اتخاذ شكل واضح: ريونوسكيه أكوتاغاوا ترجمة ميسرة عفيفي

Hiroshige Utagawa, “The Storehouse of Loyal Retainers (Chûshingura Act 7) – Reading Letter”, 1849-50. Source: ukiyo-e.org

إلى السيد ناكامورا،
كما ترى ها أنا ذا أكتب تلبية لما طلبتَ مني كتابته بعد أن عجزتُ عن رفض طلبك. ولكنني ليس لدي مجال لترتيب حالتي الذهنية من أجل الإجابة على أسئلتك. وكنتُ قد وضعتُ الرسالة التي أرسلتَها لي بين صفحات كتاب كنتُ أقرأه وقتها، ومنذ ذلك الوقت فقدتها فلا أعرف أين ذهبت. ولذلك فطبيعة القضية الذي أجيب عليها أصبحت غامضة غموضا شديدا.
ولكنني أتذكرُ فقط أن سؤالك كان على الأرجح محتواه: “ما هو غرضك من كتابة قصص روائية؟” وطلبت أن أذكر ذلك الغرض على أن يكون غرضا مباشرا عمليا واقعيا. وإن كان الأمر كذلك ستكون إجابتي في غاية البساطة هي: “أكتب لأنني أريد أن أكتب”. وليس هذا على سبيل التواضع ولا المبالغة. والقصة الروائية التي أكتبها الآن، الغرض المؤكد منها أنني أكتبها لأنني أريد فعلا كتابتها. لا أكتب من أجل الحصول على المال، ولا أكتب من أجل الناس في هذا العالم.

استمر في القراءة

واحد ناقص واحد: قصة كولم تويبين ترجمة محمد هاني

Colm Tóibín by Phoebe Ling. Source: colmtoibin.com

يطلّ القمر من قرب على تكساس. القمر هو أمي. هي مكتملةٌ الليلة، وأكثر سطوعًا من أسطع مصباح نيون؛ هناك تعاريج من الأحمر في لونها العنبري المنبسط. ربما كانت قمر حصاد، قمر كومانتش، لا أعلم. لم أر أبدا قُمْرة بهذا القرب، وحريصة لهذه الدرجة على بريقها العميق. الليلة، ستكون أمي قد توفيت منذ ست سنوات، وأيرلندا على بعد ست ساعات وأنت نائم.
أسير. لا أحد يسير سواي. من الصعب عبور شارع جودالوب؛ تمرق السيارات مسرعة. في متجر الجُملة للسلع الغذائية كلنا مرحب بنا، تسألني الفتاة عند المخرج إن كنت أود الحصول على عضوية المتجر. لو دفعت سبعين دولاراً، عضويتي لن تنقضي كما تقول، وسأحصل على سبعة في المئة خصم على كل المشتريات.
ست سنوات. ست ساعات. سبعون دولاراً. سبعة في المئة. أقول لها إني هنا لبضعة أشهر فقط، تبتسم وتقول مرحبا بك. أبتسم بالمقابل. مازلت أستطيع أن أبتسم. لو اتصلت بك الآن، ستكون الثانية والنصف صباحا؛ على الأرجح ستكون مستيقظا. 

استمر في القراءة

عائشة أحمد: حديقة خلفية

Edvard Munch, “Eye in Eye”, 1894. Source: getdailyart.com

هذه الأيام أصحو من النوم فجأة، بعد منتصف الليل غالباً، وأشعر بدقات قلبي متسارعة وفكي السفلي يؤلمني. صنع طبيب الأسنان قالبا لفمي قبل شهور، ثم أعطاني “حارسا ليلياً” خفيفاً وشفافاً على المقاس، يتماهى مع سقف حلقي بطريقة حاذقة. لكن بمجرد أن أضعه أشعر بالاختناق، وما هي إلا ساعة وأجدني قد استيقظت لأخلعه ملقية إياه على الطاولة المجاورة لسريري دون وعي مني. في الصباح أنظر إليه ذاهلة وقد نسيت أمره. بعد أسبوع واحد، أودعته  علبته الخاصة، وخبأتها في الدرج أسفل المغسلة. قلت لن أعذب نفسي هكذا.
تهز صديقتي رأسها، وتقترب مني. ومع أن لا أحد في الحديقة الخلفية للمنزل سوانا، إلا أننا نتحدث بصوت خافت. “هل اتصلت بك لتعتذر؟” أسألها، وتؤكد لي للمرة الثالثة ربما بأنها أبلغتها أنها مريضة. هل يكون تواجدي سبب امتناعها عن الحضور؟ تقترب صديقتي أكثر وتربت على يدي. تنظر مباشرة في عيني، وأرى حزناً مطلقاً. ترد علي: “مستحيل! فما كانت لتوافق منذ البداية.”

استمر في القراءة

كارول صنصور: جميلة

American Colony in Jerusalem stergeogaph of Beit Jala, circa 1936. Source: loc.gov

كنتُ أصنع السراويل
لرجال قرية
سيشكّك التاريخ بوجودها
وكان لي يوسف
ليس كذلك النبي
إخوته لم يُخلقوا
ليوقعوه بالحفرة
وأبوه هرب مع الهاربين
ثم عاد منهزماً
كنت أصنع السراويل
وأبيع السجائر
كان لي بيت
ودكان
ومصنع
في متر مربع مؤجّر
وكان لي خاتم ذهبي
أوصيت بإهدائه
لعذراء الجسمانية بعد مماتي
كنت وكان لي
خاتم وبيت ومصنع
ويوسف
في متر مؤجر
يا حسرتي
تَهَجّر
هذه رسالة جدتي الكبرى جميلة لي بعد أن قرأتْ حلم يقظة حيث لاحظتْ اهتمامي بخاتمها الذهبي

كارول صنصور: الفاتح من أيلول

Moises Saman, Kobane, Syria. August 8, 2015. Source: magnumphotos.com

في الفاتح من أيلول يشتاق لفلاحة لا يعرفها
ولبلد خسرت نساؤها جميع الاحتمالات
 يحس بولع لشباط
 وحرقة على تموز منته

.

استمر في القراءة

No more posts.