لبنى علاء: كل الفراشات تصعد إلى السماء


Margaret Bourke-White, “Three butterflies and two peaches”, 1939. Source: artsy.net

كان على وشك الغرق في النوم قبل أن ينتبه إلى أنه لم ير زياد، طفله الكبير. ذهب ليفتح باب غرفته بهدوء شديد فوجد ثلاث فراشات تحوم حول رأسه. نظر إلى النافذة فوجدها مغلقة، ووقف حائرًا قبل أن يحاول إخراج الفراشات حتى لا توقظ زياد ولكنه فتح عينه.
– في حاجة يا بابا؟
– لا يا حبيبي بأطمّن عليك.

استمر في القراءة

حازم يحيى: كتاب اللاوهج

Kiki Smith, “Etc., Etc.”, 1999. Source: moma.org

(١)
تضيئني أفكار مرعبة
وأخرى عشوائية
لأجل هذا أعير المستحيل معنى
وأتداخل في الليل
ربما تنحدر اللحظات أحجارًا على صدري
وربما يضطجع زمني على حافة ملساء
لكن يظل الثبات دائمًا مشهدي الخيالي
فأسير كمرأى ليلي لمن أحب

استمر في القراءة

مهند عبد العظيم: قصيدة

Elliot Erwitt, 1955. Source: magnumphotos.com

قلتِ لي 
إن الحياة تفتح ذراعيها إليّ
ولم أكن أعرف أي حياة تقصدين. 
هل الحياة التي نتفادى الألم بالكتابة عنها 
أم حياتي أنا؟
.
كانت الحياة يا حبيبتي 
أقصد حياتي أنا على الأقل 
هي تفادي الخزي بالكتابة لكِ
كانت داخل حديقة يفصلها عن العالم حائط 
.

استمر في القراءة

سلطان محمد: العاشق الأعسَر

Paulo Bruscky, Letters Held by Left Hand, 1995. Source: artsy.net

لست بالشخص المميز، طبعًا. ولم أكن في يوم من الأيام، ولا أظنني سأكون كذلك يومًا ما. أعرف قدري جيدًا ومتصالح معه. عرفت هذا منذ تفتح إدراكي وتماشيت مع الأمر. أعمل موظفًا بسيطًا، وأهم ما لدي أن صحتي جيدة وصحة أمي وأبي وأخي وأختي، أن عائلتي الصغيرة باختصار، طيبون وسعداء بالحد المعقول. لم أفهم مرة ما الذي يعنيه الطموح والتوق إلى المكانة. بالطبع أعرف أن هذا المسمى بالطموح رغبة تنتاب بعض الناس، الغالبية العظمى كما يظهر، لكن يبدو أنني من استثناءات القاعدة القليلة. ذات يوم أخبرني أحد أصدقائي بأنني رجل خامل. وعرفت فيما بعد أن العرب قديمًا كانت تقول عن الرجل خاملًا إذا لم يُذكر ولم يكن ذا صيت، بالنسبة لهم كانت هي المعنى النقيض لمشهور أو خالد أو ما شابه. والحق أن معرفتي بالفروق بين هذه المعاني ليست جيدةً، كما يعرف رجل أن السليق عبارة عن رز وماء وحليب ولحم لكنه لا يعرف أيهم يأتي قبل الآخر في الطبخة وكمية المقادير. لكن “خامل” صديقي لها معنى مختلف، معنى معاصر. أن تكون خاملًا يعني أنك لا تسعى لتحقيق طموح ما، رغبة في مكاسب وفيرة أو مكانة مرموقة. بمعنى الساعي، الطَّمُوح. وبصراحة فالرجل على حق. أنا خامل. فليكن! لكنه أزعجني ذلك اليوم وهو يحكي لي عن خمولي وأن هذا الخمول عطب خطير في شخصيتي. كل هذا قاله وكأنما هو خلفية لكلامه السابق عن طموحه في أن يصير محاميًا قد الدنيا. لا أدري هل كلامه صائب بالفعل .أم أنه مجرد ردة فعل على ردة فعلي تجاه ثرثرته عن طموحاته إذ لم أكن أقول أكثر من “حلو… ممتاز… آها.. بالتوفيق”. كنت حينها أقلّب في جوالي وهو يحكي وأشاهد فيديوهات لخطاطين. في تلك الليلة، وبعد كلام صديقي، كنت أبحث في فيديوهات عن الطموح وتطوير الذات.

استمر في القراءة

لم نألف شيئًا بعد: قصائد ورسوم رولا الحسين

أمنيات مستحيلة
كلّ ما أردتُه
أسنانٌ مستقيمة
كأسنان فتيات الإعلانات
ولحظةٌ رائعةٌ أمسكها من جهتيها
اليمنى واليسرى
وأمدِّدُها
لتدوم طويلا، لتدوم أبدا.
.

استمر في القراءة

إذا حدث وأحببتني أرجوك أن تنتبه كثيرًا لكيفية عناقي: كارول صنصور تترجم كاترينا غوغو

“My Name Is Odyssey”. A portrait of Katerina Gougou. Source: inred.gr

١
تعالي نذهب يا جميلتي
حيث نقش على القمم
أزرق خافت، وردي
.
تعالي نذهب حيث الفتيات
على ظهور الخيول البرية
شعورهن تتطاير مع الريح
يقطفن زهر الخوخ
ونجماتٍ حمر
عاريات
.

استمر في القراءة

عائشة سليمان: ثعلب

Nan Goldin, “Greer and Robert on the bed, NYC 1982”. Source: tate.org.uk

الآن توقّفا
كانا يأكلان بعضهما بنهمٍ
حتى جُرح لسانها منْ ظفرٍ
ينمو على إبهام يده
طعْم الدم يتكدس في فمها
يسقطُ إلى معدتها
ذات ظهيرة حارقة
وبينما يأكل من كتفها
اختنق بلعومه بكتلة لحميّة
سعل، سال مخاط أنفه
تقيأ نصف كتف
كان لزجًا والمخاط يغطّيه

استمر في القراءة

هيثم الشاطر: جمر وجواهر والملائكة

Hussein Bicar, “A Nubian Dancer”, 1990. Source: tumbral.com

سلمى كانت تضع سنة ذهبية بدل المكسورة من باب المساعدة في المضغ والتزين ولها فيها مآرب أخرى، تزوجت في منطقة “ونجت” برمل الإسكندرية من أحد الشباب العاملين بالسفن التجارية الناشطة في حوض البحر المتوسط، كان عمله كمورد (صغير ومن الباطن) للملابس السورية المهربة لمحلات المناويشي بالمنشية الصغيرة المصدر الرئيسي لبحبوحة عيشه. منزلهم كان الوحيد الذي به جهاز مشغل اسطوانات ترانزستور في اوساط النوبيين القاطنين بحي الرمل كافة ، زيارة بيت سلمي لسماع اسطوانات الأغاني السودانية في السبعينات كانت ظاهرة وحدث مهم في ذاكرة كل مواليد “زعربانة” و”الضاهرية” بشكل عام.
والدة سلمى كانت صديقة مقربة لوالدة جمر ، كان يجمعهما الفقر وحب تدخين البايب.

استمر في القراءة

سمية عبد الله: أغنية بعيدة

By Youssef Rakha

ماذا يعني أن ينبت لليل صوت من آخر حنجرة نامت فيه؟!
تغني للمسافات.. والخطوات المبتورة
والأرصفة اليتيمة
للبحر الساكن .. ولأولئك الذين يشعرون ألا جدوى من وجودهم
وللحياة التي لا جدوى منها أيضا
.

استمر في القراءة

كريم عبد الخالق: قصائد قصيرة #1

Youssef Rakha, “Cairetros 2”, 2021

لأن ما تبقى
ربما لا يكفينا معًا
سأقول أمام الله، ببساطة، أنني كنتُ
“أقبلُ الأشياء”.
*
بعد الغداء
في السرير
بطوننا مليئة بكلمات لا نحتاج إلى أن نقولها بعد الآن.
*

استمر في القراءة

كارول صنصور: قصيدتان

Sondra Meszaros, “You’re damned if you don’t and it’s damned if you do”, 2019. Source: 1000wordsmag.com

أنت خفاش يا حبيبي

عندما قضمتَ ثدييها
وشربت من بين ساقيها
هل ذقت خبزًا قديمًا وماء البحر
أم أنك ميتًا بالفعل كنت
هل أخبرتها أنها الشعب
والقمر والشمس
وجعلتها تنشد الفرح والدمار
عندما انزلقتْ في أحلك مناطقها

استمر في القراءة

محمود حمدي: في انتظار النهار

Roy Lichtenstein, “Sunrise C. II.7”, 1965. Source: 1stdibs.com

ضاع اليومُ في تغريدِ العصافير
رأيتُ جارتي المنشدة
غارقةً في نميمةٍ ملحمية
تتلو فصلها العاشرَ مع خيطٍ أبيضَ أنهى سطوة الليل.
تلكَ العصافير تنهشُ وعيي
تقتاتُ على التركيزَ
وتفتت اليوم كبسكويتةٍ قضمتها على سريري.

استمر في القراءة

ملك عفونة: تمارين قسرية

Sylvie Blum, “The Pigeon”, 2016. Source: echofinearts.com

الثّانية فجرًا
الوقتُ مثل حمامةٍ تحلّقُ برتابةٍ فوق الأطلسيّ
ما همَّ في أيّ ناحيةٍ تفرد جناحيها السّميكين
المهمُّ أن تطير، وتواصل الطيران، لكي لا تغرق.
*

استمر في القراءة

باسم زكريا السمرجي: رقصة القمصان اللبنية

John Pomora, Interactive Reality, 2014. Source: artsy.net

-١-
ﺗﻣﺗد اﻟردھﺔ أﻣﺎﻣﻲ. ﺗﺗداﻋﻰ ﺣواﺋطﮭﺎ اﻟﺑﯾﺿﺎء ﻋن ﻣﺳﺎﺣﺎت زﺟﺎﺟﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﺗﺑوح ﻋن اﻷﺧﺿر اﻟواﻗﻊ ﺧﺎرج اﻟﺑﻧﺎﯾﺔ ﻋن اﻟﯾﻣﯾن، واﻷﺧﺿر اﻟﻣزروع ﻓﻲ اﻟداﺧل -ﻣﺣﺎﻛﯾًﺎ أﺧﺿر ﺧﺎرج اﻟﻘﺎرة ﺑﺄﻛﻣﻠﮭﺎ- ﻋن اﻟﯾﺳﺎر. ﺗﻌﺗرض ﻣﻧظر اﻣﺗداد اﻷﺧﺿر ﻋن اﻟﯾﻣﯾن واﻟﯾﺳﺎر ﻏرف ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ ﺣواﺋطﮭﺎ اﻟزﺟﺎج اﻟداﻛن، ﻛﻲ ﺗﺣﻔظ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﺳﺎﻛﻧﯾﮭﺎ دون أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ اﻟرﺣﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣﺎرﯾن ﺧﺎرﺟﮭﺎ. ﺗﻣﺗد اﻟﺣواﺋط اﻟزﺟﺎﺟﯾﺔ ذات اﻟﻘواﺋم اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ اﻟﺑﯾﺿﺎء ﻟﺗﻛﺷف ﻓﻲ دأب ﻋﻣﺎ ھو ﺧﺎرﺟﮭﺎ، ﻟﺗﺻر ﻋﻠﻰ إﻧﻛﺎر ﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﻻ ﻧواﻓذ ﺗﻧﻔﺗﺢ ﻓﯾﮭﺎ وأن اﻹﻧﺳﺎن إن أراد أن ﯾﺧطو ﺧطوة ﺧﺎرﺟﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻐذي ﻧظﺎم اﻷﻣن اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ ﺑﮭوﯾﺗﮫ ﻣرﺗﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻟﯾﺗﯾﺢ ﻟﮫ اﻟﻣرور. ﺗﻧﺗﮭﻲ اﻟردھﺔ ﺑﺣﺎﺋط أﻣﺎﻣﻲ ﯾﻧﻔﺗﺢ زﺟﺎﺟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻧظر ﻏﺎﺑﺔ ﻛﺛﯾﻔﺔ اﻷﺷﺟﺎر ﻏﯾر أن إﺣﻛﺎم إﻏﻼق اﻟزﺟﺎج ﯾﺿﻣن أﻻ ﯾﺗﺳﻠل ﻋﺑره أي ﺟزيء ﻣن ﺟزﯾﺋﺎت اﻷﻛﺳﺟﯾن اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻣن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟﺿوﺋﻲ ﻟﻠﻐﺎﺑﺔ. ﻓﺎﻟﺗﻧّﻔس ھﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻧزوات اﻟﺑﺷر اﻟطﻔوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻧﺷﺎق اﻟﮭواء ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ﻣن اﻟﺷﺑﺎك ﻟﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗوﻟد ﻋﻧﮫ ﻓﺗﺢ اﻟﻧواﻓذ وﻏﻠﻘﮭﺎ ﻣن أﺿرار أﻣﻧﯾﺔ أو ﺗﻘﻧﯾﺔ ﻗد ﺗﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺗﺂﻛل اﻹطﺎر اﻟﻣطﺎطﻲ اﻟﻔﺎﺻل ﺑﯾن اﻟﺣواﺋط اﻟزﺟﺎﺟﯾﺔ واﻟﻘواﺋم اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ، ﻓﯾﺗﺳﻠل ﺗﯾﺎر اﻟﮭواء اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺗﺳرب ﻗدﯾﻣًﺎ ﻣن ﺑﯾن ﺷﻘوق اﻟﻧواﻓذ اﻟﺧﺷﺑﯾﺔ ﻓﯾﻘدح ذﻟك اﻟﺗﯾﺎر اﻟﮭواﺋﻲ اﻟﻣﺗﺳّرب ﻓﻲ ﻗدرة اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﺳﯾطرة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻷﺳطورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻌﺗرﺿﮭﺎ ﻋﺎرض. ﻟذا، ﻓﺣﺎﺟﺔ اﻟﺑﺷر ﻟﻸﻛﺳﺟﯾن ﻣﺣﺳوﺑﺔ ﺣﺳﺎﺑًﺎ دﻗﯾﻘًﺎ، ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﺻﻣﯾم ﻓﺗﺣﺎت ﺗﮭوﯾﺔ ﺗﺿﻣن إﻧﻔﺎذ ﺟزﯾﺋﺎت اﻷﻛﺳﺟﯾن اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻷﻓراد وﻧﺷﺎطﮭم. ﺗﺗوارى ﻓﺗﺣﺎت اﻟﺗﮭوﯾﺔ ﺗﻠك، وﻻ يُسمح ﻟﻘﺎطﻧﻲ اﻟﺑﻧﺎﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ وﻻ رؤﯾﺗﮭﺎ، ﻓﻛﻔﺎءة اﻟﺗﺻﻣﯾم ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻌدم إطﻼق ﯾد اﻟﺑﺷر ﻟﻠﻌﺑث ﻓﻲ اﺳﺗﮭﻼك اﻟطﺎﻗﺔ. ﻟﻧﺑﻘﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺷر ﻓﻲ اﻟﻣﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﮭﻼك اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﻘﺻورة ﻋﻠﻰ ﺗﺷﻐﯾل اﻷﺟﮭزة اﻟﻛﮭرﺑﺎﺋﯾﺔ واﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻌرّف ﺳﻛﺎن اﻟﺑﻧﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺟودات ﺧﺎرﺟﮭﺎ، وﻟﻧﻔرّغ ﻏرﻓﺗﯾن ﻣن ﻛل ﺗﻠك اﻟﻣوﺟودات، ﺣﺗﻰ ﻣن ﻣﺻدر اﻹﺿﺎءة ﻟﻛﻲ ﯾﻧﻔرد ﺑرﺑﮫ ﻣن أراد ﻓﻲ أي ﻣﻧﮭﻣﺎ، ﺳواء أراد اﻟﺻﻼة أو ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﯾوﺟﺎ.

استمر في القراءة

الواقع والآلام: قصائد جديدة لمهاب نصر

Alvar Cawén, “Blind Musician”, 1922. Source: Wikipedia
“الواقع يا عزيزي”
الواقع يا عزيزي
هذا ما زرتك لأجل
وبينما كنت تواصل مناداتي من مطبخك
دسستُ عشرات الأعين
في الفُرُش وتحت المقاعد
وخلف زر الكهرباء
الذي يجعل الضوء يرتج  
مثل حقيقة فاجعة
الواقع هو ما أفكر فيه وأنا أصافحك عند الباب
كأنني سأقضي ليلتي في العراء
الواقع الذي يتنفس بصعوبة
بينما تشير بإصبعيك: اطمئنْ

استمر في القراءة

كارول صنصور: رائحة البحر

North Coast, 2018. By Youssef Rakha

في الحلم أنام جنب رجل رائحته كرائحة بحر بلاد أعرفها 
نحدق في سقف غرفة
متخيلين أننا نرى النجوم
بإصبعي أشير إلى كوكبة اصطفت على شكل فراشة
بخفة يطبع قبلة على كتفي الأيسر
حيث كان يحب أن ينام
وأمشي جنبه في حلم آخر

استمر في القراءة

مينا ناجي في عيد ميلاده: مُصالحة خَاسر جيّد

By Youssef Rakha

— في بداية كلامي أحب أن أؤكد على شيءٍ. مهما بدا الأمر فأنا لم أُرد أن أوجِّه لكِ تلك الأشياء التي قُلتها. كنتُ مجرَّد أحمق بنسبة ذكاء أتوبيس نهري. وكانت تلك أول مرّة أدخل فيها هذا المول. مرّة قبل سنوات دخلتُ ‘سيتي ستارز’ مع صديق ليبي وهَاله منظري. المهم، حين وصلتُ يوم الجمعة المُشمِس على غير المتوقع إلى المول، كنتِ باردة معي. أتيتُ متأخرًا لأني أوصلت بابا إلي هايبر-ماركت جديد وتركته هناك ليرجع وحده. صعدنا على عجل، وحدث أن السلم الكهربائي كان مُعطلاً، وعلينا الصعود بالمصعد، وأنتِ تعرفين أني لا أحب المصاعد. اندفعتُ خارجًا لما تردّد الباب في الانغلاق وطلعت على السلم المُعطل ليوبخني عمال الصيانة. تجاهلت الأمر لوقتٍ لاحق. كان الفيلم الكوميدي سخيفًا وساذجًا بشكل غريب. لم أضحك ولا مرة. فقط ابتسمت مرتين أو ثلاثا، وأنتِ تضحكين بشعور خفيف بالذنب جانبي وما زالت باردة. في الاستراحة تحجّجتُ بأني أريد أن أرى طلاء أظافرك الجديد ولكنك سحبتِ يدكِ بحزم وبان عليك الضيق أكثر من الخجل. تحمَّلتُ إلى ما ظننته نهاية الفيلم ونزلت متجمدًا من هواء التكييف المبالغ فيه لتمكثي نصف ساعة أخرى بالداخل.

استمر في القراءة

كارول صنصور: في طريقي إليك

Mario Giacomelli, Presa di coscienza sula natura Angelini, 1970. Source: sageparis.com

في طريقي الطويل
أصادف الغرباء من بلادي
أطعمهم الحليب والعسل
أسمّم بئرهم
لأجل الذين رحلوا
كم أنتِ زائفة يا بلاد

استمر في القراءة

أمنية منصور: والدنيا هس هس

Mohamed Nassef, Cairo, March 2019. Courtesy of the artist.

من أجل أن نلتقي في المدينة التي لا تنام. هذه القاهرة. لا تنعس حتى، أو تغمض جفنيها. عيناها على اتساعهما كل لحظة، ترصد الأفق وكأنه مبسوط فلا يحجب رؤيتها لا زحمة ولا تراص أبنية ولا فضاء. في كل الاتجاهات تُلاحق ببصرها أناسًا جالسين وقططًا حائمة. لا تغفل عن شيء. يقظتها فاتكة تعضّ ما تراه، تهشّمه أسنانها حتى تبتلعه. ظننا أن الملاذ من مراقبة القاهرة في حَوارٍ ضيقة ودهاليزَ مظلمة ولكن كيف وحتى ما يحدث في كنف الغرف المغلقة لا يخص أصحابها بل يداوي مقلتيها الحمراوين. لا ينقطع دأبهما قط.

استمر في القراءة

نذير عبد الله: عيادة الأدب الرديء

Nan Goldin, Guido on the Dock, Venice. Source: christies.com

(١)
حالما أنهيتُ تلخيص حياتي في الفترة الأخيرة له، سَلّمَ أنّني، في الواقع، بحاجة حقيقيّة إلى برنامج علاجي، ثمّ سألني إذا ما راودتني أفكارٌ انتحاريّة. لا، أجبت، الموت لا يثير اهتمامي1 – ميشيل ويلبيك – Seretonin

(١) هل تُطيقُ وداعًا أيّها الرّجلُ 
لم أبكِ حين رأيتُ جسدها يتدلّى من السّقف، لم أجزع، لم تصبني نوبة هلع. كنتُ هادئًا تمامًا، انتظمت ضربات قلبي، وحين نظرتُ في مرآة الخزانة عن يميني بدا أنّ ابتسامة ترتسم ببطء على شفتيّ. جلستُ على السّرير، وأخذتُ أفكّر في حفلة بيلي آيلِش التي شاهدناها سويّة في هلسنكي العام الفائت، حيث كانت تلبس بيجامة خضراء مخطّطة برسومات لم أتبيّنها من موقعنا البعيد.  قرابة منتصف الحفلة غنت “ادفن صديقًا”، وأخذت تقفز يمنة ويسرة بخفّة طفلة غفل أهلها عنها. حين نبت صوتها وسط جموع المردّدين “ماذا تريد منّي؟ لماذا لا تهرب منّي؟” شعرتُ بحاجة إلى سيجارة، فنظرتُ إلى سارة التي انحسر حجابها عن مقدّمة رأسها قليلًا بفعلِ تحريك اليدين المستمرّ إلى أعلى وإلى الوراء، اقتربتُ كثيرًا منها كي تسمعني:
– سارة، بدّي أطلع أدخّن سيجارة
– ما تروح، خلّيك
– بس…
– ما في تروح.
أمسكت ذراعي اليمين وشدّتني إليها، وضعت يديها أعلى حوضي، وقفت على رؤوس أصابعها وقبّلتني “هاي بدل السيجارة”، ثمّ أعادت تثبيت حجابها.

استمر في القراءة

No more posts.