غيث الأمين: أربع قصائد

Boomoon, “Bosphorus Fish Play No. 8”, 2018. Source: artsy.net

-١-
ككيس بلاستيك
يطير في سماء أيام زائدة،
أتأبط خساراتي وأبحر
ومثل سفينة جانحة في مرفأ
أسند على حائط.

 

استمر في القراءة

كلب ملوكي: قصة من كتاب أحمد كامل القادم

(من ليالي ألف ليلة)

Stephen Mackay, “Dog”, 2021. Source: artsy.net

أبي كلبٌ في البلاط الملكيّ، ومن بعده فأنا على أهبة كي أكون، ومن قبلنا أبوه كان كذلك، أمّا جدّي البعيد فكان قرداً، يتقافز بين يدي سلطانه. وكلامي ليس مجازية، صدقاً هو الواقع، كما جرى، وكما آملُ في قادمي أن يجري.
إن سيرة عائلتي تردُ في حكاية من ألف ليلة، وإن اختلطت ببعض التحريف، المقصود؛ في محاولة للاستئثار بكنزنا، الذي تعثّر صدفةً به، أوّلُ السلالة.
تذكرُ الحكايةُ جدّي البعيد بوصفه حطاباً معدماً، مدّ يوماً خطاه إلى البريّة في زمن كساد، متوغلاً أزيد مما اعتاد، إلى أن ألفى خميلة فأتى منها شجرةً وأزال عن جدارها الترابَ، وإذ بفأسه تصطك في حلقةٍ نحاسية مدغمة في لوح خشب. رفع اللوح فبان من أسفله درج، يغور في باطن الأرض. وهبط عبره فوجد عند آخره باباً يؤدي إلى قصرٍ متين البنيان، وفي أروقته صبية كالدرّة السنية، ينزع مرآها من القلب كلَّ همٍّ وبليّة. فسألته: “أيا هذا ومن تكون؟ أأنسيّ أم جنّي! إني هنا منذ عشرين سنة وما لمحتُ أثناءها أحداً من الإنس”. وأخبرته أنها سليلة ملوك في الأصل، لكن عفريتاً مغرماً اختطفها ليلة عرسها، ولخاطرها شيّد هذا القصر، وفيه يزورها كلّ ليالٍ عشر، فيمكث ليلةً واحدة. كما جعل لها قبةً منقوشة بطلاسم تلمسها كلما عرضت لها حاجة، وحينئذٍ يحضر العفريت ملبّياً من فوره.

استمر في القراءة

مالك رابح: العرس

Tasneem Alsultan, Wedding Party, 2015. Source: artsy.net

كان المشهد ليروق لك لو رأيته. ساعة بالكاد مرت على عودتنا – لم يستقر الغبار على البلاط، ولم يُفرد جديد الأغطية والملاءات، ونقر الباب، وأعلنت الغرابة عن حضورها: “محسوبكم رمضان الحدق آسف لو طبّيت عليكم من غير ميعاد، ألا تتذكرونني؟” صرختْ في مظهره لكنّا لم نستطع تحديد من أين؛ أهي ربطة العنق فاقعة اللون أم الوردة الصناعية المشبوكة في سترة البذلة الضيقة؟ قال لم ألبس هذه العفريتة منذ زفافي. سألناه على المناسبة السعيدة التي كانت تنتظره بعد زيارتنا فاضطجعت الحيرة بين حاجبيه – ربما كان تدلّي رأسه إلى صدره حين يتكلم. ربما هي ابتسامته التي رقصت على السلم بين الصدق والخبث؛ تجادلنا بعد ذهابه، هل كانت الوردة الصناعية هناك في حفل الزفاف أم سحبها قبل مجيئه من مزهرية ثم بتر ساقها؟ “ألا تتذكرونني، اعتدتُ اللعب في طرقات هذا البيت؟ أمكم كانت كويّسة معي، قالت لي خليك في المدرسة، وكانت تقدم لي الينسون دائمًا”.
لم نتذكره. الينسون كان أول شئ حطّت عليه الأيادي في كيس المشروبات، قلنا لازم يكذب، لو وقعت أيادينا على شاي أخضر أو بلا أزرق لقال الشئ نفسه. “لا بد أنكم تتذكرونني”. كان مرتاحًا، يقرع الطاولة بقعر الكوب بعد كل رشفة، ويلمس الجدار بأنامله في الطريق للباب. “لو احتجتم أي خدمة أنا موجود”. لبس حذاءه وقال: “لا تفهموني خطأً، ما كان ينبغي أن تعودوا إلى المكان (أشار إلى ممسحة الأحذية) ابن الوسخة هذا”. ضحكنا، ثم لاحقًا، ونحن نحدد من تعيس الحظ الذي سينام في سرير الأب والأم، تذكرنا ما قاله دون ضحك.

استمر في القراءة

ثلاثة خواتم: قصة ريونوسكيه أكوتاغاوا ترجمة ميسرة عفيفي

Hiroshige Utagawa, Shrine Gate Pass at Rokusozan in Kazusa Province, 1852. Source: ukiyo-e.org

(١) [1]
في قديم الزمان، كان متسول ينام أمام مسجد في بغداد. وفي ذلك الوقت انتهت الخطبة فبدأ المصلون يخرجون من المسجد، ولكن ما من أحد منهم حاول أن يعطي ذلك المتسول فلساً واحداً. ثم خرج من المسجد أخيراً رجل على شاكلة التُجّار، وعندما رأى المتسولَ وضع يده في جيبه وأخرج مالاً فأعطاه له. وعندها قام المتسول فجأة وقال: “شكراً لك يا مولاي، حماك الله ورعاك” لم يأبه له ذلك التاجر ومضى لحال سبيله، ولكن أوقفه المتسول وقال له: “توقف يا مولاي! عندي حديث لك” وعندها التفت الرجل الذي على شاكلة التجار وقال: “إنني لست مولاك” فقال له المتسول: “كلا، ولكن يبدو أنك يا مولاي ستلاقي في المستقبل مصاعب في هذه الدنيا، سترعى الإبل وتجلب الماء من الآبار. إنني منذ الفجر وأنا أستجدي الناس هكذا، ولكن لم يعطني منهم رجل واحد شيئاً. ورداً لجميلك يا مولاي سأعطيك خاتماً. لقد صَنع هذا الخاتم جنّي عربي، فإن حاول أحدهم أن يسمّك يا مولاي، سيتحوّل هذا الحجر الأحمر المُزيّن به الخاتم إلى لون أزرق” ثم وضع الخاتم في كف التاجر المندهش واختفى من أمامه وكأنه تبخّر في الهواء.

استمر في القراءة

الكوب الألّاوي: محمود المنيراوي

img_1461

Ulric Collette, from “Therianthropes”. Source: ulriccollette.com

ساكتٌ، قاعدٌ، راكنٌ ظهري إلى الحائط خلفَ الباب
عيوني تدور كأنما تتبعُ فراشة تحومُ حول المصباح؛
وأهلي في اضطراب من سكوتِي
أمي تُعدُّ لي الكمّادات والذي منه
أخي خرجَ ليبحثَ عن طبيبٍ “شاطرٍ”

استمر في القراءة

No more posts.