أمنية منصور: حتى في الجنة تَنفَق الغربان

Mark Rothko, Blue, Green, and Brown, 1952. Source: mark-rothko.org

وجدتني في مصعد بأربعة أبواب، باب على كل جانب. صعد بي دون أن أضغط زرًا. يختار هو الطابق ويترك لي اختيار باب أخرج منه. توقف. أنا لا أعرف أين أنا فربما عليّ اختيار أكثر الاحتمالات وضوحًا. نزلت من الباب المواجه لي. أحسست جسدي يصطدم بلوح زجاجي لم أره، فارتددت إلى الخلف واقعة.
أحرق عيني لثوانٍ خضارٌ مشع امتد تحتي. أرسلتهما بعيدًا فوجدته يغطي كل شيء على امتداد الأفق. تضاريس برزت عن الأرض، وحفر. كأنه بساط فرشه كائن عملاق وألصقه بغراء. مر أمامي زوجان، مشيا ناظرين أمامهما كغريبين على رصيف ضيق جمعتهما وجهة واحدة. قطعا الطريق وما إن أشحت بنظري عنهما حتى اختفيا، ليظهر في البعيد أشخاص آخرون. رأيت بعضهم يستلقي على البساط، والبعض الآخر يستحم في بركة خضراء هي الأخرى. الضوء هنا ليس أبيض، وليس ساطعًا يعكس الألوان. فقط خضارٌ مُشع.

استمر في القراءة

إيمان عبد الرحيم: النشور

Thetriumphofdeath

Pieter Bruegel the Elder, “The Triumph of Death”, 1562. Source: Wikipedia

“انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
سورة الإسراء، آية ٢١

 

“القيامة النهاردا الساعة ستة بعد المغرب… يلا قومي.“
استيقظت مشدوهة في الواحدة ظهراً، على صوت ماما تردد هذه الجملة بصوت منذر وعلى عجل!
سألتها كيف عرفت؟ فأجابتني بأن الخبر أذيع أكثر من مرة في نشرات الأخبار على كافة القنوات الأرضية والفضائية، المحلية والعالمية، العالم كله يعلم ويستعد وأنا الوحيدة النائمة بكسل على جنبي. سارعت بالنهوض من سريري، ثم سألتها عما يجب أن نفعله، طلبت مني أن أحضّر شنطة صغيرة آخذ فيها كل ما قد أحتاجه في الحياة الآخرة. سارعت أبحث عن إخوتي، فوجدتهم جميعا مشغولين بتحضير شنطهم. ذهبت إلى دولابي، واخترت شنطة ”باك” ضخمة، كي أتحرك بحرية، بينما هي معلقة على ظهري. وضعت فيها كيس فوط “نانا” الصحية النسائية القطنية، ومحفظة لا تحوي إلا صورًا فوتوغرافية بالأبيض والأسود، لمن رحلوا من عائلتي.  بعدها سارعت بالذهاب إلى صالة البيت وأخرجت من درج ”النيش” الذي يتوسط أحد جدرانها شريط دوائي المضاد للاكتئاب، ألقيت الأشياء في الشنطة على عجل، توقفت سارحة لثانية، أفرغت بعدها الشنطة من جديد، سارعت إلى المكتبة والتقطت المجلدات الخاصة بكتاب “قصة الحضارة”، لـ”وِل ديورانت”، لم أجد إلا أحد عشر مجلدًا فقط من أصل اثنين وعشرين مجلدا، بحثت في كل مكان عن المجلدات الناقصة، ولم أجدها، حزنت لعدم عثوري على المجلدات المفقودة، فكم كنت أود إكمال قراءة السلسة الضخمة قبل أن أموت. يبدو أنه غير مقدر أيضاً أن أقرأ ما تبقى لي حتى بعد رحيلي. انتبهت فجأة أن الوقت يمرق، فاكتفيت بالأحد عشر مجلدا، وحملتها مرصوصة فوق بعضها، الأقدم في الأسفل، فالأحدث أعلاه. قابلتني أختي وأنا أسير على مهل حاملة الكتب الضخمة ومتجهة إلى غرفتي، فصرخت في محذرة: إن هذه الكتب ثقيلة جداً، ووزنها سيعيق حركتي في يوم مهم مثل هذا. أخبرتها ساخرة أن هذا ليس من شأنها. في غرفتي، رصصت المجلدات الأحد عشر في قاع الشنطة، ثم وضعت الأشياء التي أفرغتها من جديد فوقها، أحضرت علبة سجائري، واخترت ولاعة سجائر لونها برتقالي فاقع، ووضعتهم فوق بالقرب من “السوستة”، في متناول يدي. أغلقت بعدها الشنطة، وحملتها على كتفيّ، وتحركت بصعوبة، نظرا لثقل وزنها، ثم خرجت إلى صالة البيت، فوجدت أن الجميع قد انتهوا قبلي.

استمر في القراءة

مينا ناجي: مختارات من أسبوع الآلام

memling_passie_grt

Hans Memling, Scenes from the Passion of Christ, oil on panel (1470-71). Source: artbible.info

((وَثَقُوا يَدَيَّ وَرِجْليَّ. أُحْصِي كُلَّ عِظَامي)) – مزمور ٢٢
.
فرحتنا. فرحتنا التى لا تسع شيئاً
ولا تستجيب إلا لنا.
فرحتنا أول الصيف. أول الموسم المغطى بالعشب الذى يكسو جدران الحمام وغرف النوم والطُرقة وجلودنا التى تنبهت أخيراً إلى وضعية أشد خطورة من مسك الليل. حان وقت فرحتنا التى أبكتنا كثيراً فى انتظارها الموقوت.

استمر في القراءة

أحمد الفخراني: ملك العالم يقابل كاي باركر

s-l1000

1980s publicity photo autographed by Kay Parker. Source: ebay.com

.

من يملك القبو يملك العالم.
قالت العرافة العبارة بجلال، وهى تئن فوق قضيب سمير الحكيم.
أما سمير الحكيم، فلم يحتاج إلى الكثير من التفكير ليقول: والقبو ملكى… إذن أنا أملك العالم.
رفسها، ثم رفع السوستة وغادر قبل أن يمنح العرافة الفرصة لأن تضيف عبارة أخرى، فعبارات العرافين والحكماء المكثفة والشاعرية كما يرى سمير ليست سوى كلمات ملتبسة لا تغني ولا تسمن من جوع، هدفها أن تقال بجلال دون أن تتورط فى الخير أو الشر.
ركب بساطه السحرى، عربة بيجو من موقف عبود، ليعود إلى قبوه فى طوخ، حتى يفكر كيف يستغل تركته وثراءه الفاحش: امتلاك العالم.
فى مقعده بجوار شخص له رائحة نتنة، واتته خاطرة جديرة بأن تتحول لخطة: أن يعيد تشكيل العالم.

استمر في القراءة

No more posts.