على المجنوني: التنين يتنفس

Neom Project, AFP/Getty Images. Source: theguardian.com

آخر مرة رأيته فيها كانت قبل حوالي عام، في واحدة من نوباته. كان الوقت في رمضان، وكان قد سبقنا هو إلى هناك. لم تختلف المرّةُ عن سابقاتها، ولذلك لم نبقَ أمام البرج طويلا على رغم أنه حاول استبقاءَنا ما استطاع. كنا كلّما نوينا الانصراف وتراجعنا ازداد تمسّكه بنا، وقال متوسلا: اقعدوا. ستجيء هذه المرة. ليس عليكم إلا أن تنتظروا قليلا. قالها بطريقة تُوحي أنّ ما سنراه لو انتظرنا قليلا فقط سيكون مكافأة مُجزية. وزاد بأن استمر في النظر إلى البرج، مصوّبا سبابته تجاه المبنى المضيء، بينما يستجدينا أن نبقى في إخلاصٍ لما ينادي به، إخلاصٍ ربما كان أكثر إقناعا من الشيء المنتظَر نفسه.

استمر في القراءة

أحمد الفخراني: جنة عدن… قريبا

Jaco van Schalkwyk, “Welcome to Paradise”, 2021. Source: artsy.net

برز إعلان في لوحة عملاقة تتلوى أضواؤه في غنج:
خايف من النار؟ جنة عدن… قريبا!
أدركت باستسلام أني ميت. وكنت خائفا من النار، تحديدا بسبب ذلك الإعلان المريب. لم يبد أن هناك طرقًا أخرى يمكن أن أسلكها، لهذا كان عليّْ أن أتقدم – مضطرا – إلى الجنة.
أهكذا يكون الموت إذن؟ سيرًا بلا إرادة في مسار بلا خيارات. قلت: كحياتي. الشيء الرائع في الموت، أنك تكتسب البصيرة، لكنك لن تعرف ما الذي تفعله بها.
على جانبي الطريق شموس خفيفة اللهب معلقة في أعمدة إنارة، حجارة، خلاء مرصوف بالأسفلت، كثبان من الرمال تنتظر الأسمنت والألمونيوم، أعمدة كهرباء ومصارف، ظلمة بيضاء، بيوت قليلة متناثرة بلا سكان لها عزلة الكوخ والقصر دون هيبتهما وبأبواب موصدة لا يمكن ولوجها، شاحنات عمياء بلا سائقين تمر من حين لآخر، براميل ومزيد من البراميل. يشبه الطريق إلى بيتي. أهذا حقا كل ما نراه خلف حجاب الموت؟ فقط ما عشته في الدنيا مكثفا وقاتما كأبخرة سوداء زنخة، مع لمسة شيطانية بعض الشيء لا تكاد تبين.

استمر في القراءة

No more posts.