أحمد الفخراني: جنة عدن… قريبا

Jaco van Schalkwyk, “Welcome to Paradise”, 2021. Source: artsy.net

برز إعلان في لوحة عملاقة تتلوى أضواؤه في غنج:
خايف من النار؟ جنة عدن… قريبا!
أدركت باستسلام أني ميت. وكنت خائفا من النار، تحديدا بسبب ذلك الإعلان المريب. لم يبد أن هناك طرقًا أخرى يمكن أن أسلكها، لهذا كان عليّْ أن أتقدم – مضطرا – إلى الجنة.
أهكذا يكون الموت إذن؟ سيرًا بلا إرادة في مسار بلا خيارات. قلت: كحياتي. الشيء الرائع في الموت، أنك تكتسب البصيرة، لكنك لن تعرف ما الذي تفعله بها.
على جانبي الطريق شموس خفيفة اللهب معلقة في أعمدة إنارة، حجارة، خلاء مرصوف بالأسفلت، كثبان من الرمال تنتظر الأسمنت والألمونيوم، أعمدة كهرباء ومصارف، ظلمة بيضاء، بيوت قليلة متناثرة بلا سكان لها عزلة الكوخ والقصر دون هيبتهما وبأبواب موصدة لا يمكن ولوجها، شاحنات عمياء بلا سائقين تمر من حين لآخر، براميل ومزيد من البراميل. يشبه الطريق إلى بيتي. أهذا حقا كل ما نراه خلف حجاب الموت؟ فقط ما عشته في الدنيا مكثفا وقاتما كأبخرة سوداء زنخة، مع لمسة شيطانية بعض الشيء لا تكاد تبين.

استمر في القراءة

بخيتة عبد الله: أيام عادية في حياة إنسان حديث

Youssef Rakha, “Winter Light”, January, 2020

اليوم 
شعرك يبدو بهيئة جيدة
والشمس ترسل أشعة رحيمة
وقد لا تكون فكرة سيئة تماماً
لو قررت ألا تجعل من الهستيريا
وعدم الاتساق
والحس العبثي
جزءاً أساسياً من هذا اليوم

استمر في القراءة

مينا ناجي: في الموت لا يوجد شهور وقرون

Elliott Erwitt, New York City, 1953. Source: magnumphotos.com

“كيف يمكن تهدئةُ ظِلِّ الموت الذي بلا حراك؟”
– جويس منصور
١
لنرجع إلى الحقائق الواقعة:
شاب سمين يتبول على قارعة الطريق.
أنا مأكول بالحزنِ واستولى عليّ الغضب،
لأنها من المؤكد ليست أنتِ
ولا يمكن أن تكون.
الأشياء المادية حزينة،
وكذلك فوق المادية.
أمشي على الأسى بقدميّ الاثنتين،
ولا أعرف عن البركة شيئاً.

استمر في القراءة

الثورة بجد: قصائد مختارة ليوسف رخا

Rakha, Iford Delta 3200 Negative, 2003

Youssef Rakha, Iford Delta 3200 Negative, 2003


رسالة إلى صديقي*

 

أكتب لكَ والمنافض أهرام من الأعقاب.
الشيء الذي حذّرتَني من دَوَامِه توقّف.
وصداع النوم المُمَزَّق يجعل الدنيا خاوية. أنت فاهم.
في جيوب الحياة ننقّب عن عملة من عصور سحيقة،
عملة صدئة وربما قبيحة لكنها سارية في سوق الأبدية.
نصبح ملائكة حين نعثر عليها. نجترها حتى نتأكد
أنها لا تشتري البقاء.
؎

استمر في القراءة

أمل السعيدي: غشيه شعور عميق  بأنه يعرف كل شيء

Pieter Claesz, Still Life with Stoneware Jug, Wine Glass, Herring, and Bread, 1642. Source: 1642

كان يتمشى في مزرعة والده، يوزع نظره على الحقل المحروث تواً، ناعساً راح يفكر أنه لم يزرها منذ زمن بعيد. أشجار السفرجل الثلاث، في الزاوية الشمالية القصوى، تحوطها أوراقها التي طوحتها ريح الأيام الماضية. كان يجلسُ هنا كثيراً، لعلمه أن الجميع يجدون المكان بعيداً عن المنزل وعن المكان الذي ينوعون فيه الإنتاج الزراعي طوال العام. هنا كوكب آخر، فلا يمكن إدراك نوافير الري الطويلة من هذه الزاوية. لا شيء سوى أشجار مانحو ضخمة تحول بينه وبين الجميع، لكنه لم يعد يأتي إلى هنا كثيراً، يريد ذلك ويقرر فعلاً أن يعود لمرات ومرات كلما كان هنا، لكنه ما إن يبتعد قليلاً حتى لا يعود يفكر في هذا المكان.
يعمل موظفاً في أكبر شركة اتصالات في البلاد. يعود في تمام الساعة السادسة إلى شقته الصغيرة، في عمارة مميزة، ذلك لأنها تحتوي سطحاً، وسلالم داخلية تؤدي إلى السطح. يركن سيارته في قبو ضيق ورطب، ويشعر بقطرات العرق تسيلُ على ظهره في المسافة الفاصلة بين القبو والغرفة. تعود ألا يطفئ تكييف غرفته، تفادياً للحرارة الخانقة في هذا الفصل من العام. يخلع ملابسه، ولا يحتفظ إلا ببوكسر علامة كالفن كلاين، ويلقي بنفسه على الفراش. عندما تلامس أصابع قدمه برودة لحاف السرير، يحسُ بالراحة أخيراً من عناء اليوم. لا ينام، لا يتقلب، يسجّي جسده هناك طامحاً في الذوبان في شبح التراخي الضخم الذي شعر دوماً بالانتماء الحقيقي له. لكنه تلقى الآن مكالمةً من أمه. مات أبوه، وسيدفنونه هذا المساء.

استمر في القراءة

أحمد الفخراني: جائزة بودلير للرواية

Based on Étienne Carjat’s woodburytype portrait of Baudelaire (source: Wikipedia)

لم نكن نتوقع كل هذا النجاح عندما أطلقت مع صديقي تطبيقنا الإلكتروني الفريد: بودلير. على عكس ما يوحي به الاسم، التطبيق مختص بالرواية لا الشعر.
أتذكر عندما فكرنا في اللوجو للمرة الأولى، اقترح صديقي أدهم نوفل أن تكون صورة لهامستر. لكني قلت: لن يلفت انتباه أحد. لكن لو جعلت الهامستر يرتدي نظارة ويركض بقدميه داخل كرة زرقاء، منتجا الكلمات عبر حركة قدميه، ذلك سيلفت انتباه الجميع، وسيوحي اللوجو بما أردنا تحقيقه بالضبط: التجدد والأبدية.
اختلفنا مرة أخرى حول شعار التطبيق، اقترحت أن نستلهمه من القاعدة الروائية الشهيرة: إذا وصفت مسدسا في الغرفة، فعلى المسدس أن يستعمل. استسلمت في النهاية للشعار الذي اقترحه: “إن لم تكن قصة الكون تدور عني، فعن ماذا تدور إذن؟ عن أمك!!”
طويل، وركيك، لكنه أثبت فعالية. لقد مس الجميع، ولخص ما نسعى لتحقيقه. فالتطبيق لم يستهدف الروائيين المحترفين الذين قاوموا نجاحنا في البداية بضراوة، فهم أكثر رجعية من أن يؤمنوا بفكرة كتلك: أن يكون منتجو الرواية من القراء العاديين، سيصنعوها بأنفسهم، من قصصهم الحقيقية والمتخيلة.
عندما بدأنا التطبيق، وضعنا ست روايات منسية تحت يد مئات الرواة غير المحترفين، والذين صاروا خلال فترة قصيرة ملايين. ليصنعوا منها ملايين النسخ غير المتطابقة التي تحمل أسمائهم، حتى يُنسى اسم كتابها.
يحرر الآخرون نسخة أخرى من روايتك المحررة أصلا من رواية سابقة، فتتناسل كنسخ بلا نهاية.
لا أخفيكم سرا أن الروايات الست المنسية، هي رواياتنا التي تجاهلها الوسط الأدبي رغم جودتها، لكننا لم نتردد لحظة ونحن نتنازل عنها، يمكن لك أن تلقبنا بمسيح الروائيين، رغم أننا حظينا بلقب يهوذا، فلقد اعتبر بعض الحاقدين ما فعلناه خيانة لهذا الفن العريق.

استمر في القراءة

مرايا الرابعة صباحا: تشارلز سيميك ترجمة إسلام حنيش

6fbf5fa5-283f-448f-80c3-7aabb97fc728

Natia Rekhviashvili. Source: lensculture.com

لابد أن تأتيها عن طريق جانبي
في الغرف التي يشبّكها الظل،
تسترق نظرة إلى فراغها
دون أن تمكنها 
من النظر إليك بالمقابل.
.

استمر في القراءة

No more posts.