طعم الوصول | بهيج وردة: لا ننجح في كثير من الأوقات

لأنه وصل لكنه لم يذق طعم الوصول – اللاجئ يحكي، سركون بولص

Lovell’s Montreal Directory Map by Charles E Goad, 1898-9. Source: gs.library.mcgill.ca

جرت العادة أن أجيب على سؤال: “كم مضى على وجودك في مونتريال؟” برد يحمل عدد الشتاءات التي أمضيتها، كأن أقول الآن: “هذا هو شتائي الرابع في المدينة”. غالباً نضحك معاً من الجواب لأن كثيراً من جليد المدينة -الذي يدوم حوالي سبعة شهور- يذوب في هذه اللحظة تحديداً، ويبدأ محدثك بمشاركتك تجربته إن كان مهاجراً سابقاً، أو يخبرك أنه يتفهم انزعاجك من الجو القاسي، ويحاول التخفيف عنك ببعض النصائح، فيما كان مثيراً لاستغرابي أن بعض الشباب المولودين في المدينة القريبة من القطب الشمالي يجيب بكونه يكره البرد والثلج، وعندما أخبر محدثي عن قدومي من دبي، فإن الجليد المتبقي في حديثنا يذوب تماماً، كأن حرارة الصحراء اللاسعة تنتصر في تلك اللحظة، وغالباً يتوقف الحديث عن الأصول، ولا نصل في الحكاية إلى سوريا.

استمر في القراءة

مجرد فضول: قصيدة من مجموعة بهيج وردة الأولى

Bruno Barbey, Tangiers, 1985. Source: magnumphotos.com

يسبقُني فضولي مقدارَ قبضة
لا أنا أمدُّها وألتقطه
ولا هو يبتعدُ أكثر
لا أُغالي إنْ قلتُ: لا يمكنني سوى اللّحاق به
ولا إنْ قلتُ: استمرأتُ الحال

استمر في القراءة

فصل التعب (فصل من كتاب “مذكرات أب لا يجيد الحكايات”): بهيج وردة

Heba Khalifa, from “Homemade”. Source: arabdocphotography.org

كلما وصلت إلى ذروة الغضب من تصرفات جنى – تبلغ من العمر سنة ونصف – اللامسؤولة (كيف تتوقع من طفلة في منتصف عامها الثاني أن تكون مسؤولة، يا إلهي!) والمضيّعة للوقت، أتذكر كلامي لنادين (زوجتي) ومعاتبتي لها، كيف أنها لم تنجح باستغلال الوقت في شيء مفيد.
وحين أسألها عن وقت نوم جنى (كان يمتد لساعتين غالباً) كنت أظن أنها تتحجج بالغسيل والتنظيف وترتيب المنزل، في الوقت الذي كنت أعتبر هذا الوقت رفاهية لإنجاز قصة أو تحرير ما خططته في الليلة السابقة، أو أي شيء له علاقة بالكتابة أو المراسلة بالحد الأدنى، إلا أني كنت أستعيد كل كلمة (تفوهت بها بحماقة)، وأنا أقضي النهار مع جنى!.

استمر في القراءة

فصل الاسم (فصل من كتاب “مذكرات أب لا يجيد الحكايات”): بهيج وردة

project-slide3f24f9ee813b46d29a66a171e2f21af6-1400x933

Heba Khalifa, from “Homemade”. Source: arabdocphotography.org

لطالما رغبت أن يكون المولود الأول في عائلتي بنتاً.
كنت أتوقع أن هذا الموضوع مبني على ردة فعل، مفاده تقليد متوارث على أساسه يفترض أن يقوم الابن البكر بتسمية مولوده الذكر البكر على اسم والده، وبالتالي يحمل الولد اسم جده.
من حيث المبدأ كنت رافضاً للموضوع، رغبة مني في كسر تقليد مجتمعي أولاً، وثانياً لأن اسمي يطابق اسم جدي في الاسم واسم الأم أيضاً – مصادفة غريبة، وبالتالي على ولدي أن يحمل اسم أبي واسم جد أبي، أي يصبح ابني ابراهيم الثالث –في حال المولود الذكر، وفي رأيي لا داع لهذا التقليد.
وأنا أفكر في الموضوع أسأل نفسي، أين سيذهب انتقادي للأنظمة السياسية العربية الفاسدة التي تتوارث السلطة، وترسخ العادات في محاولة منها لإيجاد مبررات الحياة الكريمة لها فقط دون شعبها؟. كيف سأستمر في الحياة وأنا أنتقد والدي الذي أتهمه بمشابهة نظام الحكم في ممارساته وقمعه للديمقراطية والتعددية وأنا أمارس التوريث، وأخضع لإملاءات المجتمع، واسمي ابني على اسم أبي!!

استمر في القراءة

No more posts.