أمنية منصور: حتى في الجنة تَنفَق الغربان

Mark Rothko, Blue, Green, and Brown, 1952. Source: mark-rothko.org

وجدتني في مصعد بأربعة أبواب، باب على كل جانب. صعد بي دون أن أضغط زرًا. يختار هو الطابق ويترك لي اختيار باب أخرج منه. توقف. أنا لا أعرف أين أنا فربما عليّ اختيار أكثر الاحتمالات وضوحًا. نزلت من الباب المواجه لي. أحسست جسدي يصطدم بلوح زجاجي لم أره، فارتددت إلى الخلف واقعة.
أحرق عيني لثوانٍ خضارٌ مشع امتد تحتي. أرسلتهما بعيدًا فوجدته يغطي كل شيء على امتداد الأفق. تضاريس برزت عن الأرض، وحفر. كأنه بساط فرشه كائن عملاق وألصقه بغراء. مر أمامي زوجان، مشيا ناظرين أمامهما كغريبين على رصيف ضيق جمعتهما وجهة واحدة. قطعا الطريق وما إن أشحت بنظري عنهما حتى اختفيا، ليظهر في البعيد أشخاص آخرون. رأيت بعضهم يستلقي على البساط، والبعض الآخر يستحم في بركة خضراء هي الأخرى. الضوء هنا ليس أبيض، وليس ساطعًا يعكس الألوان. فقط خضارٌ مُشع.

استمر في القراءة

أمنية منصور: والدنيا هس هس

Mohamed Nassef, Cairo, March 2019. Courtesy of the artist.

من أجل أن نلتقي في المدينة التي لا تنام. هذه القاهرة. لا تنعس حتى، أو تغمض جفنيها. عيناها على اتساعهما كل لحظة، ترصد الأفق وكأنه مبسوط فلا يحجب رؤيتها لا زحمة ولا تراص أبنية ولا فضاء. في كل الاتجاهات تُلاحق ببصرها أناسًا جالسين وقططًا حائمة. لا تغفل عن شيء. يقظتها فاتكة تعضّ ما تراه، تهشّمه أسنانها حتى تبتلعه. ظننا أن الملاذ من مراقبة القاهرة في حَوارٍ ضيقة ودهاليزَ مظلمة ولكن كيف وحتى ما يحدث في كنف الغرف المغلقة لا يخص أصحابها بل يداوي مقلتيها الحمراوين. لا ينقطع دأبهما قط.

استمر في القراءة

No more posts.