
Margaret Bourke-White, “Three butterflies and two peaches”, 1939. Source: artsy.net
كان على وشك الغرق في النوم قبل أن ينتبه إلى أنه لم ير زياد، طفله الكبير. ذهب ليفتح باب غرفته بهدوء شديد فوجد ثلاث فراشات تحوم حول رأسه. نظر إلى النافذة فوجدها مغلقة، ووقف حائرًا قبل أن يحاول إخراج الفراشات حتى لا توقظ زياد ولكنه فتح عينه.
– في حاجة يا بابا؟
– لا يا حبيبي بأطمّن عليك.
خرج من الغرفة تاركًا زياد والفراشات واستلقى على فراشه مرة أخرى. لم يمهله النوم ليفكر، بل جذبه ليستغرق فيه على الفور. في الثامنة صباحا اتجه إلى غرفة زياد مرة أخرى ولم تكن هناك فراشات تحوم حول رأسه. لم يجد الأمر غريبًا. أيقظه وسبقه للمطبخ.
– إمبارح لما دخلت عليك، كان في فراشات في الأوضة.
– إيه؟
– اه والله زي ما بأقولك كدا، كان فيه تلت فراشات لونهم أبيض بيطيروا حوالين راسك.
– بس أنا ما شفتهمش لما صحيت بالليل ولا لما صحيت النهارده.
– بالليل إنت كنت نعسان، تلاقيهم ماتوا.
ابتسم زياد بزاوية فمه، أوقات كثيرة يعجز عن فهم أبيه. خرج كل منهما لحاله: زياد إلى الجامعة والأب إلى عمله القريب. في مدرج “ب” كان زياد منزويًا عن الجميع يفكر في أبيه وحديثه، لماذا عليه أن يقول مثل هذه الأشياء الغريبة طوال الوقت؟
في الليلة التالية تعمّد الأب أن يخلد زياد للنوم قبله، وبعد ساعة من الانتظار دخل بحرص غرفة زياد، ليجد الفراشات مرة أخرى. لم يحاول إخراجها بل وقف يتأملها. كانت بيضاء وبها شيء من الزرقة يضرب الجناحين. انتبه إلى تململ زياد في نومه فخرج على أطراف أصابعه. لم يستطع النوم في هذه الليلة، وفي الصباح ذهب إلى غرفة زياد ليجده مستيقظًا.
– ما لقيتش حاجة في الأوضة لما صحيت؟
– حاجة زي إيه؟
– ما تشغلش بالك.
– بابا هو في حاجة؟
– لا، يللا عشان ما نتأخرش.
في المساء جلس الأب في انتظار زياد. كان بالخارج مع أصدقائه من الجامعة كعادته كل مساء. عند عودته جلس في مقابل الأب.
– تعرف إن أمك الله يرحمها كانت بتحب اللون الازرق؟
– آه، الشقة كلها أزرق أهي.
– طيب ابقى سلملي عليها لما تجيلك الليلادي.
Like this:
Like Loading...
тнє ѕυℓтαη’ѕ ѕєαℓ. Cairo's coolest cosmopolitan hotel.