مهاب نصر: صبيحة القيامة

Hieronymus Bosch, The Seven Deadly Sins And The Last Four Things, 1500-1525. Source: Wikipedia

صبيحة القيامة
كانت الأغلال مابرحت تطوق معصميّ
ولا أقوى على النهوض بسبب الأفكار
أو بسبب فكرة واحدة
أو لا شيء
وكان هذا يؤلمني
كما لو كنت أرى جسدا يتألم
ولا أستطيع أن أقول: اصمت حتى نعبر
ولا أصدق أن العبور صار وراءنا
والآن أثرٌ فقط


إنهار جسرٌ
ومعه الأقدام
وسيرةُ الأقدام

كان آخرون معي
وكنت معهم
لكن ريحا ما قصفت الفروع والأغصان

ذبل العالم فجأة
كمن خُدع
نمنا في عراء الكلمات
كما لم ننم من قبل
تحررنا في حلم
وحبسنا العالم في عقله

لماذا يؤلمني معصماي الآن
وأنت وأنت وأنت
أتشعرون؟

أدير رأسي إلى الجهة التي كانت هناك
لكن عينيّ لا تدوران معي
وقلبي يطرق بقوة
كحيوان حبيس
اشتم رائحة اللهب

المطر هنا لا يُخمِد النار
والنار نفسها لا ترى
كأنها كلمةٌ قيلتْ
فقلبت البطن
وصار للنكد مذاق على اللسان
..
عبرنا ولم نعبر
وكان الملائكة أقزاما
يفتحون الأبواب ويهتفون: ادخلوا..
ولا نستطيع

وكانت على الأبواب نقوش
هي صور لنا
حفرت بالنار والأظافر
فأدركنا أن الأمس مضى
وأننا الأمسُ بلا أقدام؛
الأمس زاحفاً
أو سائراً على يديه
الأمس برؤوس كثيرة
اختصرت إلى خطوط بالفحم

رأينا الحب جالساً إلى نهر
رأينا حشرة تهرب
والحب يغطس في الماء تاركا ثيابه على الضفة

رأينا جلده يرتعد
فارتعدنا
وصرنا حشرات تغطي سطح النهر
هكذا تمكن الحب من السير على الماء؛
على دمائنا والأجنحة المسحوقة
وصار كبير ملائكة
وكبر جدا
ولم يندم
نحن ندمنا؛
لو التقطنا ثيابه ولذنا بالفرار؟

وكانت القيامة:
هذيان يقطع الشارع
بذراع ملوحة
والصوت العظيم في عربة تجرها خيول
صوت حقيقي
أو من مسجل صوت
أو مجرد خيال
لكن الخيول كانت صحيحة
والقيامة عرض شعبي بالنبابيت

الجنة بعصابة على العينين
والنار عصابة حول رأس مصدع من السكر
الجنة قميص مزرر
والنار عضة في الطاقة المفتوحة للصدر
جُنِنّا والله

كَذَبةٌ كَذَبة
بلا حقائق ولا أكاذيب
مطاردون في النوم بكلاب طائرة
لا تستطيع النباح

وكانت القيامة:
نتكلم كما يلعب الهواء بالنار
عصابة العين محلولة وملقاة على رصيف
الطيبون رأوا
والأشرار رأوا أيضا
لكن أنتم وأنتم وأنتم… أسمعتم صوت البكاء؟