مجرد فضول: قصيدة من مجموعة بهيج وردة الأولى

Bruno Barbey, Tangiers, 1985. Source: magnumphotos.com

يسبقُني فضولي مقدارَ قبضة
لا أنا أمدُّها وألتقطه
ولا هو يبتعدُ أكثر
لا أُغالي إنْ قلتُ: لا يمكنني سوى اللّحاق به
ولا إنْ قلتُ: استمرأتُ الحال
كلّما ابتعدَ عن الطريق العام
أهرع إلى الجي بي إس
لكنْ كما في الطريقِ كذلك في السيارة
تبقى القبضةُ ممدودةً كمسافةِ أمان
أُصرُّ على اللّحاقِ به
وأتخاذلُ عن سباقِه
أتواطأُ مع خَطوهِ العابثِ
ويتآمر مع ظلِّه الأنا
أتنازلُ عن اللّجامِ لأجلِهِ
ويتركُ لي – سعيداً – المقعدَ خلف السائق
لا نلعبُ الغمّيضةَ
ولا نرقصُ إلا الدّبكة
أرميه في الصندوق،
فينهش ظهري بمخالبِه
يرمي رجلَه أمامي مثل “بابا أبو طويلة”،
ويصرُّ أن يسبقَني
أَدْهَسَه بعجلاتِ الحظّ،
فينجو بلا ذاكرة
أرميه كقطٍّ في كيس،
فلا ألتفتُ إلَّا وأراه أمامي
أُمَرْمِرُ عيشتَه بالنّكَد،
فيرسم في وجهي ابتسامةَ مُصابٍ بالأمل
أرمي في وجهِه دلوَ ماءٍ،
فيطفئ سجائرَه في وجهي
أتألّمُ،
فلا يردّ
يغادرُني، فأصطدم بكلِّ ما حولي.

نشر الكاتب السوري بهيج وردة مجموعته الشعرية الأولى “ثلاثةَ عشرَ حفيداً لمرآة” عبر موقع أمازون كيندل للنشر الذاتي، وصارت المجموعة متاحة حول العالم عبر تطبيق كيندل.المجموعة التي تضم سبع عشرة قصيدة نُشر بعضها في موقع أكسجين، كتبت بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١٥ في فترة تعكس مراحل حياتية متقاطعة مع أحداث بدأت ولم تنته فصولها في تاريخ العالم العربي الحديث، وتقاطعاتها مع الحياة اليومية للكاتب. بهيج وردة من مواليد حمص ١٩٨١، ويحمل شهادة بكالوريوس في الصحافة ٢٠٠٩ من جامعة دمشق، وعمل في عدد من المؤسسات الإعلامية السورية قبل سفره إلى الإمارات للعمل في صحيفة الخليج ومؤسسة دبي للإعلام حتى العام ٢٠١٧. يقيم حالياً في مدينة مونتريال بكندا.
المجموعة متوفرة عبر هذا الرابط.