ينسكب من كأسين: نصان لمهاب نصر

IBM integrated circuits in carrier, 1979. Source: magnumphotos.com

سماء من المطاط أشدها على وجهي

 

كل حيل الحضارة مستنفدة الآن في كلمة LIKE
هذا يعني: لم يعد هناك ما يقال
كل علامة أخرى حماس مصطنع؛
لسان كلب يضطرب في الحرّ
بينما يرقد جذعه في استسلام
يأتي أصدقاء
يضعون تعليقات كأحذية خفيفة
تصطحب الكلب نفسه في جولة
لكنهما معا بلا مأوى
يبولان متواجهين
عند حائط ظليل
ويقتسمان الفضلات نفسها
من صندوق القمامة
المجاور للمكتبة العامة
وسيُطردان طبعا؛
أعني: سيَلويان عنقيهما كما لو طُردا
أحب هذا المشهد الأخير
مفعم بالمشاعر
التي تحصيها فقط
بعدد ثنيات اللحم في عنقين مائلين
اسمي كان موجودا على الأرض
كان يمكن أن تعجنه بيديك
وتنفخ فيه دخان سيجارتك
الآن أراه في لوح عاكس من الأثير
مثل صدى نحاسي
لنداء بعيد
..
سماء من المطاط
أشدها على وجهي
أروني السعادة نفسها
بكلمات أقل
وأيادٍ أكثر
القدماء عمدوا إلى التشبيهات
وكأنهم يقولون: ولم لا
أما نحن فلا حيلة لنا
Like
الثورة ستقع حتما
ستعود الروح إلى الشوارع
وستفنى للسبب ذاته
أريد أن أتحدث عن نفسي
كنت أفعل ذلك من قبل
من دون كلمة “أريد”
...
أنظر وراء الصور على الصفحات الزرقاء
هناك العظم المقوس
لكلمة “أريد”
عيب خلقي
ضمور موحش
ضحك بصدغ مقلوب
العائلة تعيش في بيت
لا حائط له
هم أنفسهم الحائط
..
الله Like
الله بشحمه ولحمه
شر برأسين
رجل وكلبه
تشبيه حي بأنياب وقواطع
ستقع الثورة حتما
في يدي بقع دم حقيقية
وأنا أفرك عيني من الكسل
في الشارع روح جديدة
الروح نفسها التي قتلناها بالأمس
قوة رهيبة للمال
قوة فقط
قوة لا ورقية
تشبيه
طعنة بلا جسد
دم حيوي
من كلمات ميتة
روح
تهدر مثل شلال في مدينة ألعاب مائية
ربطات عنق نصف محلولة في الصهد
متعة التحقق متوردة
وخجولة
أنا حقوقي
يدافع عن الإنسان
تابعوني
السجون ملأى بسجناء الرأي
الشارع أيضا
أنا، حين أفيق في الليل
باحثا عن عيني
شركة الإعمار التي تدك الإسفلت
بيت جديد
خطة لقضاء عطلة
بمظلات من الشتائم
أغنية شاطئية
على ضفاف بحر من الرصاص السائل
قيل لنا: العالم مرآة
أتوجد مرآة أعظم من تلك؟!
                                                    

                                          

الخمرة تضحكني

(ليلة)
الخمرة تضحكني
تحاصرني من الخصر
كما ذراعك
تضغط فألتصق
وأسقط عند قدمي العالم
انظري إليه
كم هو ضخم!
ونحن على الأرض نرفس ونقهقه: مستحيل!
أحب أن أتذكر غناءك أيضا
نصف السكران
كأنما بخفة ينزع الجلد عن جسدي
الضوء عن المصابيح
الحياة عن فكرتها
فقط… يبقي العالم ضخما
قدماه، ساقاه
جذعه
حارسنا الأحمق
ضميرنا ذو الكف الغليظة
ظلنا الذي ينسكب من كأسين
كفضيحة.
.
(من يأبه؟)
لعبنا بقشور البرتقال واليوسفي
افتح عينيك
ها
عمى مؤقت
يحرق مثل قبلة
من يأبه بعدها بالثمرة؟
أتذكر الآن
وأنا أدعك نصف برتقالة
وأدع العصير المز
يقطر على أرضية المطبخ
أعطس ويرشح أنفي
من يأبه؟
أقول: خطر أن تشبه الحياة بشيء
ولكن هل ثم باب آخر؟
ثُمّ إنني أُشفى فعلا
كلما أسلمت دمي لفكرة
وتكون لي العافية نفسها
كأنني أول إنسان يولد من التراب
ولا يترك خلفه أبناء
بل بذورا تختزن الضحكات الأولى
.
(مونولوج)
“المرأة كائن نكِد”
بهذا كانت تتمتم
وهي تسوي فراشها
“حقلها البائر” كما تقول
بالنسبة لي
كانت ناضجة كفاية
ولا تعرف كم هذا مبهج!
كم يمكن أن تحب
بسبب عبارة خاطئة
زلة لسان
مرارة إصلاح كسوة الوسادة
بحكم العادة فقط
الأغبياء وحدهم يطلبون الإثارة
أما أنا فيأسرني التكرار
.
(قطز)
سكران
كان يصل بصعوبة إلى منتصف الغرفة
يرفع سبابته ويزعق: قُطُز…
على الدَرَج أثناء نزولنا
خلعت له سترتي
كان قد توقف عن البكاء
أقبض على ذراعه ليس خوفا من الترنح
لم أسأله أبدا: ولمَ قُطُز؟
كان يتألم،
وهو ما يعني أن الكلمات كلها
صارت تعني الشيء نفسه؛
صارت لقيطة مثل جسده المستسلم لذراع الغريب