
Shakir Hassan Al Said, The Victorious, 1983. Source: barjeelartfoundation.org
البيت شاجٍ. أهله أطفال لا يلعبون، وشباب لا يعرفون شقوة الحب ولا سكرته، وعجائز جرت أعمارهنّ إكسبريسَ في بلاد تصرف حكوماتها على البنية التّحتيّة ما يحفظ ماء الوجوه.
على الحوائط ذكريات عنف وزعيق ونحيب وسكّين يتبادلها طرفا خناقة هزليّة. يعرف الطّرفان والشّاهدون والحوائط وكرسيّ الصّالون الذي يهامس أخاه بعد أن ينام ساكنو البيت أن أحدهما لن يذبح الآخر بها، لأنّ ليلة كهذه لا تخلص إلى نهاية كتلك، ولا تحسن سكّين المطبخ القِتلة، غير أنّهما يطيلان التّناوش بها ليزيدا على المشهد القبيح قبحا، ويخرّبا أعصاب الصّغار أبدا.
امرأة تشجّ رأسها اعتراضا على هجر حبيب؛ لم تُنصف مع إمكان الوصل ووجود السّبيل، تَمدُد بسبب إلى السّماء ثمّ تقطع، ولا يُذهب كيدُها ما يغيظ.
ورجل طالما صدّعهم بحديث خائض في عقدة المستعمر، يعنّف امرأة ادّعى حبّها في الليل ثم مال عنها لما تكوّر عليه النّهار إلى أخرى بشرتها كلهجتها بيضاء لا يلويها كسر، فأصبح فؤادُ الأولى فارغا.
وشاب ينتحر انتحارا بطيئا؛ يأخذ حمّامات من أشعّة إكس كل نهار تحت طيف ماكينة ألمانيّة فائقة.
من وراء حجاب أتابع ما يصير في البيت بابتسامة صفراء لا تصلحها معاجين الأسنان المبيّضة.
اقترب مني رجل، أزعجني شدّ ما اقترب، أشرت إليه، وهممّت بمحاضرته عن المسافة الصّحيّة للاقتراب لولا أنه شمّر ثوبه.
في الليل أرقت. من وراء حجابي التفتُ إلى النّافذة على الشّارع، شعّ في سرمد الظّلام عينان خضراوان. فزعت ورجعت البصر كرّتين، فإذا هما كشّافا سيّارة.
غمست إصبعي في دم حيضتي الناريّ الطّازج ثم مزجته بقطعة شوكولا حرّيفة أذابتها الحرارة عن شمالي، وبلعت المزج بتمعّن.
انقلب بصري إلى الشّارع، فإذا امرأة تدخّن سيكارة. لا تدخّن النّساء رجالا في شارعنا إلا لعلّة العته. تبع رجلٌ منتن السيّدةَ المعتوهة، أصرّ على أن يشعل لها، تنبّه عقلها للتّهديد على ما فيه. رأيت من نافذتي يديها تتقلصان وتخبئان السّيكارة، وقدميها تسلمان للريح. تمخّض الرجل من فمه بمخاط صوّبه إلى الريح فلم أدرِ أيّ عضو من جسد المرأة لقفه.
غمست إصبعي في دم حيضتي، كان قد نضب.
لم يردع الرجلَ الذي لا يعي الحدود الصّحيّة للاقتراب تهديدي بنداء شرطيّ. عصر ذراعي بين أصابعه، ثم استطالت أظافره وانغرست في لحمي، وكشّافا السّيارة عينا جنّيّة تعنّان وتختبئان لتزيدا جنوني. لم أنتبه ساعتها للوجع، كنت منشغلة أنتخب عذرا أدّعيه حين تسألني أمي عن أظافرَ نبتت من لحمي لبلابا على مرفقي.
في الصّباح نامت أعين الجنّيّات. فردت العجوز شعري وشرعت في تمليسه إلا من خصلة، تركتْها على حالها جعداء تأكل ليلي. سهرتُ ليلتي مع الذي كان معي، حدّثني وحدّثته حتى سال من لعابه مقالي. لسعني ليله واستعذبته، كما تُستعذب لسعة الدّخان في أغشية الأنف واللسان.
أمشي في جنازة لا أعرف ميْتها لأحزن اليوم على ما لم يتسنّ لي أن أحزن عليه أمسَ. كان دينه سهلا يجعل الرّب أبا للجميع ولا يوجع قلبي بمتاهة من المجاز تخلُص إلى قول الشيء نفسه بغير أن تقول؛ خشية تحريق أو أن تُسبر غيرة الأب الجديد من القديم.
الأب الذي أنكرني قبل أن يصيح ديك شهرزاد فبتّ أنا وشكّي متعانقَين إلى الصّباح نتربّص، ورأيت أثر إنكاره في تأرجح ضربتي على معزفي، وفي جسّ الوتر. قال لي كلمة أهوت بي في اللوام سبعين خريفا. أسأله وألحّ في السؤال، لأنّي آنف من أن أسلم للجِنّة.
يقبل ثم يدبر كرجل سأله نبيّ أن يقاتل معه في يوم قيظ فصار يقول أنا قادر عليه حتى اشتدّ بالنّاس الجِدّ فرجع ولم يقض شيئا. يحسن صنعته وإن سرق أصل فكرتها، يحسن مواضع الاختلاس. لا يشوبها عكر تُرى من تحت عظم ولحم كمخّ ساق حوريّة. يقول إن كل الأفكار مسروقة، أسئله عمّن أتى بالفكرة الأولى وأيّ جلال استحقّه؛ أيّ مجد!
البحر مشبع بدخان السّيارات، ليس لرياحه رطب الماء. لا أفتقد رفيقا كدت أجنّ من شوقي إليه في زمان قريب، وأفتقد رفيقا لم أكن أعبأ من قبل بدعائه. أمشي طريقا لم تك تتعبني، أتعب اليوم تعبي هذا فأتّكئ على صخرة في الطّريق، تلسعني.
عجوزا مثل أمّي في خمسينيّاتها أنخرط في أحاديثَ مقعّرةٍ مع امرأة التقيتها لتوّي، يفضي بعضنا إلى بعض ثم تنطفئ سيكارتانا وتمضي كلتانا إلى طريق.
تأمّلتني قطّة سقط بعض شعر شاربها، كانت مالّة بقدر مللي أو يزيد.
دلفتُ إلى مدخل الجامع، أوقفني مالكٌ، خاطبني بإنكليزية أضحكتني، قلت له إن أمي من شبرا، انسحب من أمام الفسحة.
طلبت من الوليّ الذي لا أعرفه مددا، كنت قد طلبته منذ ثلاث سنين ونسيت ما فعل فيه فافترضت حسن نيّته وأرجأت فرصته لإثبات ولايته إلى يوم آخر.
Like this:
Like Loading...
тнє ѕυℓтαη’ѕ ѕєαℓ. Cairo's coolest cosmopolitan hotel.