
Sulayman Enthroned above the Orders of Mankind and Jinn, from a c. 1500 Turkish Book of Solomon. Source: cbl.ie
لا يخاطبني إلا لماما، لا تنظر عيناه لون عينيّ ولا تلحظ قصّةَ شعري الأناملُ العابثة، لا ينبهر بصفّ أسناني، ولا بأي شيء إطلاقا؛ كأنه قد بلغ مجمع البحرين. لا يرقّ قلبه الشفيف للأحيا ولا للميّتين ولا لقطط الشوارع التي تنال أفخر أعشيتها في المزابل. ينشغل عني بدوران مروحة السّقف الرتيب، كلما خَلق انتباهه لها خُلق من جديد. الرجل معتلّ المزاج غير أنه يدّعي أنّ لا شيء يعكّر صفو مزاجه. أفكّر: لو يورثني امتزاج منيّه بدمي غيضا من فيض براعته لما راح وجعي هدرا. أراجع نظريات الطبّ، لا شيء يؤيّد مسعاي المضطّر.
أبتلع الإهانة على عجل كما درّبت نفسي مع عصير البرتقال السكّريّ المائع سلفا، أشكر حكمة أمي إصرارها على عصره كل مرة بدلا من البرتقال الحاذق بحجّة أنه لا يصلح للعصير. أعود إليه، أتورّط في خبو عينيه كلما مرّت ثانية أخرى. أفكّر في ألف حيلة للنجاة، لا أنجو. أستسلم وأبتلع مزيدا من الإهانة بمرونة، يثخن جلدي؛ يسير مجرى التطوّر نحو الأردأ.
أفكّر في مصير يديه الجميلتين الشاهقتين كنبعين في رمْض آب، تحضرني صورة يدين محفوظتين في الفورمالين لزعيم قديم، أقول له: “يدا جراح”.
حَريّتان بافتتاح متحف للأيدي.
الرجل من حزب المتحفجية: كل الستات عنده جمالات. أقول ما ضرّني لو كنت ذبابة في مهبلها تلافيف عدّة توسع ذكورا عديدا ثم تختار أفضل مائهم فترتقي سلالتها. ما ضرّني لو كنت خوخة يملّني قاضمي إلى موزة بعد يوم أو بعض يوم، غير أنني – لسوء حظي – بشر مثله.
الانتظار حرفة الأمهات والأنبياء. الصبر في الظاهر، والمرّ في المهجة. ثمّ يأتي زمان يكون نبيّ يضاجع ابنته صاحيا، ثم يدّعي السكر فتكذّب في هواه ظنّها وعينيها “إن كان قال فقد صدق”.
تسمّي انصرافه عنها خيانة، كمعلّم الروضة الوسيم إذ ينصرف عن عاشقاته الصغيرات إلى زميلته، ينكسر نشيد في قلوب الصغيرات للمرة الأولى، يذقن وجع التخلّي فيؤتين الحكمة.
أرى في المنام أنك لا تحبّني، أعاتبك كأب أُغرق بنوه: “إنّ وعدك الحق”. في سريري الضيق جنيّ مربوع لا يزحزحه السكر عن صدري، يحمّلني ما لا أطيق، أحتمل فأحمل. للجنيّ أهداب طويلة شائبة، وحاجبان كثيفان مشعثان وعينان من لبن وعسل مصفّى، وشفة منبعجة أكولة، وخدش في مقدَّم رأسه يغوص له قلب المؤمن. الظلمة مسرحه، والصمت لعبته الأثيرة. يعلم أنني لن أشتكيه إلى أحد لئلا يُظنّ بي الجنون، فيحكم مربط رجليه حول رقبتي. أعتادُ الطوق حتى إذا خلّاه أطلب براحا من الشدّة فينتشي وتعجبه فنونه. أحسب أن طوقه يرفعني إلى جبل يعصمني، وأثق بعطفه رغم انعقاد الرجلين. كأنني أعرفه من قبل أن يشتعل عسل عينيه في سريري، يصير بيننا حديث صديقين. أقول ربّما لو كنت جنيّة لأطبقت على صدر أحدهم. ألتمس له عذرين: عذرا لأنه جنيّ، وعذرا لأنه صديق.
أسمعه يقول: “يا أرض الفظي ماءك ويا سماء أهدري”. لا تهتز عيناي عن الجوديّ، ولا تنقص ثقتي فيه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. وفي غرفتي فارت تنانير.
Like this:
Like Loading...
тнє ѕυℓтαη’ѕ ѕєαℓ. Cairo's coolest cosmopolitan hotel.