
Guy Le Querrec. In a flat of the 16th arrondissement. Actress: Claudine Beccarie. Thursday 26th September, 1975. Source: magnumphotos.com
كنت جالساً على كرسي غير مريح أمام بار خشبي في حانة غير مكتظة وغير معروفة في القاهرة. بجانب كأس بيرتي متوسطة السعر فوق البار الخشبي رقم، وفوقه كُتِب بقلم أسود: «من يريد أن يقضي وقتاً ممتعاً، ليتصل بي، أنا أحب كل أنواع الرجال ويحبني كل أنواع الرجال، قبلاتي وأحضاني الحارة، اللاذعة جداً.»
قال لي عامل البار عندما سألته عن الرقم، أن صاحبة الرقم أبشع فتاة بين فتيات الحانات وتسرق الأجانب المشتهين الثمالى. كان بشعاً هو الأخر.
كان ذلك في هذا الزمن، زمن الكآبة المرَضية والجمال المنقرض والبحث عن الروح الضائعة والهيجان الموسمي للحروب المتزامنة مع عولمة الإيروتيكا المادية «البورنو»، ثم قابلته. كان رجلاً حزيناً للغاية. حزنه لم يكن معتاداً. قال لي أن حزنه قد وُلد معه.
«بدأ ذلك في هوليوود،» قال لي. وصل إليها قبل ثلاث سنوات من اليوم. عمل في شركة أفلام إباحية كمترجم من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية. كانت تلك بداياته. أول فيلم قام بترجمته كان: قضيبان وامرأة قصيرة.
شركة الأفلام هذه كانت مختلفة تماماً عن كل الشركات المنافسة لها، فقد كانت تُترجم كل الحوارات في الأفلام الإباحية إلى اللغة العربية. لقد اكتشفت كريستينا اكس – فنانة إباحية متقاعدة ومنتجة وكاتبة سيناريوات ومالكة شركة كي اكس كي – مدى أهمية الأفلام الإباحية للمستهلك في الدول العربية، واستطاعت خلال ستة أشهر فقط منذ أن بدأت في ترجمة كل الأفلام الإباحية لشركتها للغة العربية أن تكون الموقع الإباحي رقم واحد في الدول العربية بالرغم من رقابة الدولة البوليسية والثيوقراطية على الانترنت وبطئه والحملة الدينية الشرسة على مشاهدي ومشاهدات الأفلام الإباحية في هذه الدول.
كيف تحصل الرجل الحزين جداً على هذا العمل؟ لا أعرف تماماً ولا هو يتذكر جيداً كيف تحصل عليه. لكنه يتذكر أنه كان في حانة صغيرة في جادة العرب في شرق لوس أنجلس عندما دخلت كريستينا اكس.
كانت أجمل امرأة رآها في حياتها، أجمل نهدين وأجمل مؤخرة وأجمل ساقين. انتصب قضيبه عندما رآها للحظات ثم نام مجدداً بعد أن أفرغ كأس ويسكي الريد لايبل الرخيص الممزوج بالماء أمامه دفعة واحدة.
جلست كريستينا في المقعد الثالث على يمينه على البار، طلبت كأس كوكتيل ونظرت إليه. لا يتذكر ماذا حدث بعدها، لكنه في اليوم التالي وجدَ نفسه أمام مبنى أبيض متوسط الحجم عليه لافتة مضيئة مبتذلة كتب عليها شركة كي اكس كي.
دخل الرجل الحزين جداً إلى المبنى. وجدَ عدة بوسترات لأفلام إباحية على الحائط أمامه. سار إلى مكتب الاستقبال.
«لدي موعد، أنا…» قال للمرأة التي اكتشف أنها رجل بالطريقة الصعبة بعد عدة أسابيع.
«أنت العربي؟» سألته.
«ماذا؟» قال.
«أنت العربي، أليس كذلك؟ حسناً، السيدة كريستينا في انتظارك. المكتب الرابع في نهاية الممر على يدك اليمنى،» قالت له، «أسرع، أنت متأخر 20 دقيقة على الموعد!»
سار الرجل الحزين جداً في الممر ووصل إلى المكتب الرابع على يده اليمنى وطرق الباب. فُتح الباب وظهرت فتاة صغيرة تبلغ من العمر حوالي العشرة سنوات.
«ادخل، ادخل،» قالت له، «أمي تتحدث على الهاتف فقط،» ثم خرجت الفتاة الصغيرة من المكتب.
دخل الرجل الحزين جداً ووجد السيدة كريستينا جالسة على مكتبها وساقاها الجميلتان ممدوتان على المكتب وتتحدث على الهاتف. كانت ترتدي بدلة سوداء ضيقة ونهداها على وشك القفز من قميصها الأبيض الضيق شبه الشفاف. «لحظة،» أشارت له بإصبعها.
«حسناً، حسناً، قُل لجيمس دين أن هذا عرضي الأخير وليذهب إلى الجحيم إن رفض، سنجد شخصاً آخر!» ثم أقفلت الخط.
«أعتذر منك،» قالت، «كنت في انتظارك، لماذا تأخرت؟ هل هكذا تبدأ يومك الأول في العمل؟ اجلس، هيا، اجلس بسرعة. لنبدأ في الحديث عن الأمور المهمة، سأعطيك 900 دولار على ترجمة كل فيلم، وإن حقق الفيلم نسبة مشاهدات كبيرة وبِيعَ على شبكة الانترنت سأعطيك 900 دولار أخرى، ما رأيك؟ وهذا بالطبع العرض المبدئي لأول ثلاثة أشهر. إنه عرض جميل، أليس كذلك؟ لن تتحصل على أي عرض أفضل!»
«يا لها من امرأة!» فكر في نفسه.
«هل أكلت القطة لسانك يا أسامة؟» سخرت منه.
«اوه، آسف، آسف يا سيدتي. لكنني لا أفهم، ماذا حدث؟ ما الذي أفعله هنا؟ ما الذي حدث الليلة الماضية؟»
«ألا تتذكر شيئاً؟ اللعنة على الشراب،» قالت له، «لقد سهرنا مع بعض ليلة أمس وفعلناها في حمام الحانة، ثم مجدداً في سيارتي. لستَ بارعاً كثيراً وشيؤك صغير بعض الشيء، لكن كل ذلك حدث بعد أن وافقت على طلبي للعمل عندي وأنا وافقت على شروطك عندما فعلناها في الحمام والسيارة، ألا تتذكر أي شيء من هذا؟ »
«لا، لا أتذكر شيئاً، أنتِ متأكدة أن هذا ما حدث؟» قال لها.
«أيها الأحمق، شعر عانتك يشهد على ذلك، أتقول أنني كاذبة؟» ضربت المكتب بقبضتها ووقفت وسارت إليه بخطوات واثقة، وقفت أمامه ورفعت تنورتها. لم تكن ترتدي أي سروال داخلي. «أتتذكر ماذا وضعت هنا؟» قالت له.
لم يتذكر الرجل الحزين جداً ما حدث الليلة السابقة. لكن فرجها كان رائعاً، هذا ما فكر فيه تلك اللحظة. في النهاية وافق الرجل الحزين جداً على العمل. ولم تكن تلك آخر مرة يفعلانها. ومع مرور الوقت أصبح يدها اليمنى في العمل، وأحد كُتاب سيناريوات الأفلام الرئيسيين ورئيس فريق الترجمة. وقد أنتج لوحده فيلميّن: العربية والأشقر، الذي حقق نسبة مشاهدات كبيرة في أمريكا، وسجن أبو قضيب، وهذا الفيلم حقق نجاحاً أيضاً لكن ليس نجاحاً مميزاً في الدول العربية.
بعد مرور سنتين من عمله في شركة كي اكس كي استطعتُ عمل مقابلة مع الرجل الحزين جداً بمحض الصدفة في تلك الحانة الصغيرة بشارع الهرم في القاهرة. استمرت المقابلة للفجر، وسألته فيها واحدًا وعشرين سؤالاً وهذا نص المقابلة:
المقابلة*
*ملاحظة: طلب مني الرجل الحزين جداً التكتم على هويته وكذلك الأسئلة، لذلك سيتم إظهار أجوبته فقط.
السؤال الأول: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
أنا حقاً لا أعلم بالضبط، لكنني لم أنضم إلى منظمة الظلال لأنني مؤمن أن البشر يستحقون فرصة ثانية، بالإضافة لأنني لا أستطيع النوم في الظلمات.
السؤال الثاني: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
مسألة حجم القضيب لا تُنقص من مكانة الرجل كرجل، المهارة هي في استخدامه، الوضعية المناسبة، التواصل النفساني والروحي مع المرأة قبل كل شيء، وبالنسبة لي، فأنا لم أستعمل أي منشط في حياتي، وبالطبع لديّ “كرايتيريا – Criteria” معينة، ذوقي محدود بعض الشيء، بجانب أنني لا أحب النساء طويلات القامة كثيراً، إنهن لا يتحدثن كثيراً ودائماً عصبيات.
السؤال الثالث: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
الكثير لا يعرف ذلك، وقد تسربّت عدة إشاعات في الشركة أنني وكريستينا نحب بعضنا البعض وأننا سنتزوج قريباً، لكن هذا غير صحيح، فأنا لا أؤمن بمؤسسة الزواج ولقد كنت مخطوباً لابنة خالتي ذات يوم. أنت تعرف كيف يجري الأمر في مجتمعاتنا، لكنني فسخت الخطوبة لأنها لم تود أن…
السؤال الرابع: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا أريد الإجابة على هذا السؤال لأنها في النهاية ابنة خالتي ولا أستطيع المساس بشرفها.
السؤال الخامس: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
نيتشه يعتقد حقاً أنه فهم الأمر، لكن لنكن صريحين، الرجل في النهاية حضن حصاناً وبدأ يصرخ “سامحيني يا أمي!” في آخر أيامه، هل هذا مظهر رجل فهم الأمر؟ بالطبع لا. دون التطرق لأن فلسفته مهّدت لصعود أكثر الحركات السياسية تطرفاً في التاريخ الحديث، أعني كل تلك النساء الجميلات اللاتي كن ربما سيصبحن أمهات أو نجمات إباحيات أو أي شيء في المستقبل تم إبادتهن لأن الرجل القصير هذا، ادولف هتلر، لديه مشاكل مع حجم قضيبه. ونيتشه السبب. أما أخته فهي امرأة حقيرة ببساطة، لقد بحثت عن الموضوع وقرأت في كتاب نسيت اسمه أن عصا المشي الخاصة بنيتشه أعطتها أخته كهدية للرجل القصير ادولف، وأنا متأكد تماماً أنها كانت تستعملها كديلدو، أو أنها فكرت بذلك ذات مرة، فأنت تعرف الشائعة التي تقول أن نيتشه كان واقعاً في حب أخته والعكس صحيح. لكن كل تلك نظريات، أنا مؤمن أن كل امرأة تفكر بفكرتين عندما ترى عصا طويلة، إما تضعها في داخلها أو تمسكها في يدها كقضيب لتشعر أنها المسيطرة والمهيمنة على الرجل. طبعاً هذا يحدث فقط إن كانت المرأة في المزاج المناسب للجنس، وقد ثبت علمياً أن المرأة تفكر بالجنس عشرات المرات في اليوم. لقد قرأت ذلك وتناقشت في الأمر مع كريستينا ذات مرة. هل تصدق أنها قالت لي إنها لا تفكر بالجنس أكثر من مرتين في اليوم؟ لأنها كما تقول تحصلت على ما يكفيها من الجنس عندما كانت تعمل كممثلة إباحية من سن الثامنة عشر، ولا يمكن نسيان نظريات السيد فرويد عن المسألة أيضاً. أنت ملم بفرويد، أليس كذلك؟
(«أجل، أجل، أريد كأساً مزدوجة من جاك دانييلز، الأمريكي المستورد وليس الويسكي المعبأ في المصانع المصرية لو سمحت،» قال الرجل الحزين جداً للنادل.)
السؤال السادس : . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا، لن ينجح العرب في فعل أي شيء مشابه لذلك. أنا قمت بدراسة مكثفة عن الفيديوات الإباحية العربية للهواة، لا يوجد أي إغراء في أغلب الفيديوات، لا توجد حماسة. إنهم يتعاملون مع الجنس مثل الحيوانات، وفي كل الفيديوات، الرجل هو الشخص الأبرز وليس المرأة، ويمكنك أن تلاحظ في الفن الإباحي الغربي أن حقوق المرأة مكفولة، أعني هي النجم وليس الرجل، كل الرجال يملكون قضيباً، لكن قلة منهم فقط يمتلكون ال guts ليكونوا نجوماً.
(…
وأخيراً وصل الكأس: شكراً لك، ما اسمك يا سيد؟
النادل: أنا اسمي قسيّ.
الرجل الحزين جداً: هذا اسم جميل، هل مثلت في أية أفلام سابقاً؟
ابتسم النادل: لا.
الرجل الحزين جداً: إن كنت تريد التمثيل في أية أفلام راسلني على بريدي الإلكتروني، تفضل بطاقتي وراسلني هذه الأيام بعد أن تفكر في الأمر.
النادل: شكراً لك يا سيدي، هل تريدان أي شيء آخر؟
الرجل الحزين جداً: أحضر لنا الزجاجة كاملة، لو سمحت، هذه الليلة ستكون طويلة
…)
السؤال السابع: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
أتعلم لماذا أجلس معك هذه اللحظة، لأنني رأيت فيك شيئاً مغايراً عن الآخرين في الحانة وخاصة بعد أن علمت أنك كاتب غير محظوظ من بلد يعيش أسوأ أيامه. لقد ذكرتني بنفسي بطريقة ما. على أية حال، بلدي القديم تغيّر، أو بالأحرى لم يتغيّر، ظهر على حقيقته. وهذه هي الإباحية الحقيقية، الحقيقة هي الإباحية، والإباحية هي مجرد تجل عام وانعكاس للغريزة البشرية بشكل فني. لا يتعلق الأمر كله بالنشوة الجسدية، هناك شيء أسمى من ذلك: النشوة الروحية، وهذه تنال منك جيداً عندما تشاهد فناً يمثل الحركة الاستهلاكية البشرية بأكثر صورها راديكالية، أي مثلاً امرأة عارمة الصدر وكبيرة المؤخرة تُضَاجَع من قبل ثلاث رجال لمدة 55 دقيقة، وتتأوه كذباً لإثارة المشاهدين من مختلف الأعمار. بالطبع هذا شيء يثير التقزز لأنني أعتقد حقاً أن الجنس الحقيقي هو انعكاس للحب، لكن السوق الإقتصادية هذه الأيام لم تعد تهتم بالروح أكثر من المادة، وهذا يثير فيك القرف إن كانت روحك مازالت سليمة التكوين، فتشعر بالنشوة الروحية كونك شعرت بالقرف. وإن لم تشعر بذلك، فأنت ببساطة كما يضعها ماركس تحولت لمادة تُدار وتستهلك ويُعاد إدارتها من أجل الكسب، أي أنك أصبحت مادة وانتهى أمرك كإنسان.
السؤال الثامن: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
بالطبع لا، الأمر لا يتعلق بحب عملي أو لا، هذا أمر منافٍ للمنهج البراغماتي الذي أنتهجه في حياتي وتعلمته في أمريكا، أينما يقع المال يجب أن يوجد الرجل، وإن لم توجد هناك سينال منك الرجل الذي أخذ مكانك، تُصبح مستهلكًا آخر في كومة المستهلكين الهائلة المتزايدة حجماً كل يوم.
السؤال التاسع: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
أنا ابن وحيد بين ثلاث فتيات. ماتت أختي الصغيرة وأنا في سن العاشرة بالدرن الرئوي، تركنا والدي ليتزوج بامرأة أصغر وأنا في سن الحادية عشرة، فعملت أختي كمرافقة للباشاوات الأوغاد هي وأمي. أما أختى الثانية فكانت معلمة لغة عربية وصاحبة رؤية، ولقد علمتني الكثير، الله يرحمها.
السؤال العاشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا أريد الإجابة على هذا السؤال، لأنه أمر شخصي جداً ولا أفكر فيه حتى مع نفسي.
السؤال الحادي عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
حاولت فعلها أكثر من مرة لكنني أريد أن أكون أباً يوماً ما. وهذا مضحك حقاً، فأتذكر أنني قد قابلت هيو هيفنر في إحدى الحفلات الخاصة في منزل كريستينا. لم يصدق أنني من هنا، الرجل يحب العربيات كثيراً، وقال لي نكتة في نهاية الليلة:
لا يجب أبداً وأبداً أن تمشي العربية عارية في الشارع، قل لماذا؟
لا أعرف.
لأنها إن فعلت ذلك، ستحمل وتنجب ديكتاتوراً!
هيو هيفنر ذاك شخص مضحك جداً، أتعلم أن الرجل كله معرفة ويتمنى الخير للإنسانية جمعاء؟ وإن كان ذلك بطريقته الخاصة التي أختلف فيها معه نوعاً ما. كم كان يود أن يزور القاهرة في يومٍ ما، بالفعل أتمنى أن يفعل.
السؤال الثاني عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
أنا حزين جداً لأن الرجل الذي يحب امرأة لا يستطيع أن يكون معها، هذا معنى الحب بالنسبة لي: إن استطاع الرجل أن يكون مع امرأة، فهذا يعني أنها ببساطة ليست المختارة، بل هو يظن أنها المختارة. الحب أمر مستحيل، هذا ما يجعله جميلاً ومغرياً هكذا، لكن لا أحد يريد أن يفهم هذا الشيء. إنهم يحاولون عبثاً.
السؤال الثالث عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا، كريستينا أخذت مني المسدس آخر لحظة.
السؤال الرابع عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا أعرف بالتحديد، ربما لأنها تحتاجني في الشركة. ابنتها الصغيرة لوسي تحبني حقاً، تقول لي يا عمي. هذا شيء جميل أليس كذلك؟ وإن شاء القدر ولم أستطع لقاء امرأة جيدة أستطيع انجاب أطفال جيدين معها، بالطبع أنت تعرف وجهة نظري عن الحب كما أجبتك سابقاً، سأترك كل شيء للوسي. مجموعة العملات النقدية النادرة التي أملك، اسطوانات أم كلثوم كلها، وسيارتي المرسيدس بينز 500SL الحمراء موديل عام 1984. لوسي لا تحتاج إلى كل هذا، أعني السيدة كريستينا لديها المال الكافي لضمان مستقبل لوسي، لكن عمها لن يترك الحياة دون أن يعطي شيئًا ما لأجمل فتاة رآها في حياته.
السؤال الخامس عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
الرجل الحزين جداً: هذا سؤال صعب جداً.
(…
أين الزجاجة يا قسيّ؟ نادى الرجل الحزين جداً على النادل.
النادل: حاضر يا سيدي، أنا قادم
…)
قسيّ هذا كسول جداً، هذه مشكلة العمل والرأسمالية في الدول العربية. لن تنجح أبداً لأن العرب كسالى وأرباب العمل طماعون بطريقة مدمرة، أعنى أمريكا أصبحت أمريكا لأن الأمريكي يعمل دون كلل وأرباب العمل طماعون لكن بطريقة بناءة. هذا الفرق، وإن طُرد الأمريكي من عمله ينتحر لأنه أصبح عبء على نفسه أولاً وأحبائه والمجتمع، الرجل بلا عمل كالقضيب الذي لا ينتصب. أما هنا عندما يفقد العربي عمله فإنه يجد نفسه متسكعاً في الشوارع وينتظر الخير من السماء، يا له من أمر ساذج! عليهم أن يفهموا أن العمل الشريف هو السعادة الحقيقية. انظر إليّ، هل أنا سعيد؟ أجل أنا كذلك، لديّ كل شيء وأستطيع الحصول على كل شيء أريده وأنا أتحدث عن الأشياء التي أردتها عندما كنت لا أملك شيئاً، لا عن القصور واليخوت والشهرة. أنا رجل متواضع. بالطبع بالغت في التعبير عندما قلت أنا سعيد، أنا في الحقيقة مكتف، ولكن أليست هذه السعادة؟
(…
النادل: تفضل يا سيدي.
الرجل الحزين جداً: أنت متزوج يا قسيّ؟
النادل: لا، لكنني خاطب يا سيدي وسأتزوج نهاية هذا العام.
الرجل الحزين جداً: مبروك، مبروك، تواصل معي، أستطيع أن أوفر لك فرصة للعيش في أمريكا إن أردت.
غمزَ الرجل الحزين جداً للنادل.
النادل: شكراً يا سيدي، شكراً جزيلاً لك.
الرجل الحزين جداً: حسناً، الآن اذهب من هنا
…)
السؤال السادس عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
اوه، اوه، الشيوعيون، يا لهم من عبيد! ما هذا السؤال؟ هل أنت شيوعي؟ لا تقل لي ذلك، هل تعلم الفرق بين الشيوعي والرأسمالي؟ الذوق. هذا هو الفرق. الشيوعي لا ذوق له، أعني من هو الأحمق الذي يريد أن يجعل كل الناس سواسية؟ الناس لن يكونوا سواسية أبداً، هذا ما يجعل الحياة جميلة، تخيّل مثلاً أن الاتحاد السوفييتي انتصر على أمريكا في الحرب الباردة، ماذا سيكون حال العالم؟ لون أحمر، عمال، وكلام فارغ عن حرية وهمية. أسماؤنا ستكون كلها مثل بعضها: ستالين، فلاديمير، جيفارا… والجمال سيختفي من العالم تدريجياً، وسيتوارث الشيوعيون الحمقي الحكم للأبد! في الرأسمالية، البواب يمكنه أن يكون رئيساً إن سعى لذلك، في الشيوعية البواب ينضم إلى نقابة بوابين ويتحصل على ممسحة جديدة وركلة على مؤخرته من قبل صحفي شيوعي أحمق يضاجع زوجته التي يتغزل فيها في السرير قائلاً: يا ماركسي الصغير!
السؤال السابع عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
ألن تنتهي أسئلتك؟ حسناً، حسناً، أنا في القاهرة لأنني أقوم بإنتاج فيلم إباحي عن مومياء تدعى اخمنانون بيغ نوكرز، تستيقظ من النوم لتجد نفسها لوحدها تبحث عن رمسيس بيغ تينغ، فرعونها وحبيبها، الذي ستجده محفوظاً ومعروضاً في المتحف المصري الكبير، ثم ستتذكر نبوءة قديمة قالتها لها إحدى العرافات: إنها لو كانت تريد أن توقظ رمسيس عليها أن تضاجع عشرة رجال عشوائياً على مدار ثلاثة أيام. وكل من هؤلاء الرجال يملك ميزة مختلفة: الرجل الأول يملك قطة سوداء صغيرة تُدعى بوسي، الرجل الثاني مطلق لأن زوجته لا تتحمله، الرجل الثالث بتول، الرجل الرابع مسجون بتهمة الخيانة العظمى للوطن، الرجل الخامس يتيم تركته والدته المراهقة بجانب القمامة وأنقذه شخص قصير يدعى فاروق ويعمل كجيغلو، والرجل السادس يعمل كنادل يحلم بالذهاب إلى أمريكا وهكذا…
السؤال الثامن عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا أستطيع التحدث أكثر عن منظمة الظلال لأن الأمر سري للغاية، لكنني أؤكد لك أن ضربتهم الكبيرة آتية، رازا غول لن يرحم أحداً. أتظن حقاً أن مرض الايدز أو الايبولا ظهرا هكذا؟ لا تكن غبياً مثل الآخرين.
السؤال التاسع عشر: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
لا أدخن، لكنني أتعاطى الLSD بعض الأحيان.
السؤال العشرون: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
إنه يجعلني أرى أشياء ما وراء أشياء، أنا متأكد مثلاً أنني لو رأيتك وأنا تحت ثأثيره سأراك لوناً أصفر، لماذا اللون الأصفر؟ لا أعرف، الحقيقة، لكن منظرك يوحي أن لونك المفضل أصفر. هل أنا محق؟
أنا: لا، لوني المفضل هو البنفسجي.
الرجل الحزين جداً: لديك صديقة؟
أنا: لا، كلهن يرحلن في النهاية.
الرجل الحزين جداً: اسمع يا رجل، أحياناً هنالك بعض الرجال ليسوا محظوظين مع النساء، ربما أنت واحد منهم، لكن لا بأس. ليس كل شيء امرأة، وليست المرأة كل شيء. أنت تحتاج إلى بعض الوقت لنفسك لإعادة حساباتك، أو بالآحرى لإلغاء حساباتك، لا تقلق يا رجل. العالم قبيح جداً لهذا وجدَ الإنسان الويسكي والعاهرات واليد اليمنى!
السؤال الواحد والعشرون: . . . . . . . . . . . . . . . . . .؟
هذا السؤال الأخير لأنني يجب أن أعود للفندق، وسأجيبك بصراحة. حزني وُلد معي، لكنني اعتدت على ذلك، عليّ أن أعتاد ذلك. وفي بعض الأحيان أرغب في إنهاء الأمر، لكنني إن فعلت من المرجح جداً أنني لن أكون سعيداً، بجانب أن الموت مثل المضاجعة السيئة: لا أحد يتذكر شيئاً، كل شيء مظلم، حفرة مظلمة، لا نشوة، لا شيء. ومن يحب أن يضاجع في الظلام؟ أيضًا لا أحد أيضاً يحب من يبكي بعد المضاجعة. وعلى كل حال، ألا تعتقد أن هذه الحياة تعبير مجازي عن مضاجعة سيئة؟ وهذا هدفي في الحياة يا صديقي الوحيد في الحانة: توعية الناس أن وجودنا في العالم هو مضاجعة سيئة!هذا هو الهدف الأسمى الذي أعمل من أجله. على أية حال، كم الساعة الآن؟ عليّ أن أبدأ التصوير في الصباح الباكر. كريستينا تلك امرأة صارمة وعصبية، لكنها قديسة. لقد أنقذت رجالاً كثيرين وأنا منهم. أتمنى أن أراك مرة آخرى قريباً. كن بخير ولا تقلق. والحساب خالص، وداعاً.
وداعاً وشكراً، حظاً جيداً يا رجل! قلت له.
لم يرد عليّ، سار نحو الباب، دفع الحساب وخرج مع أول أضواء الفجر الباردة، ولم يلتفت. بعدها لم أره في تلك الحانة مجدداً.