محمود المنيراوي: عود الكبريت

By Wolfgang Stiller, source: http://goo.gl/nKZMV0

Wolfgang Stiller. Source: dailymail.co.uk

أحملُ عود كبريت
التقطتهُ بعد محاولة فاشلةٍ من صديقي لقتله
حين كان يُعدّ وجبة للعشاء
نكشتُ بهِ أسناني فكُسرَ نصفه
غنيتُ له أغنية ساذجة، بصوت خافتٍ
لا أعرفُ لماذا تغيّرت ملامح صوتي
لم أكن أُفشِي سراً في أغنيتي، ولم أكذب
كانت مجرد أغنية ساذجة، ولكن بصوتٍ خافتٍ
هو الخوفُ يفسّر ما لا نعرفه، أقول.
نصف عود الكبريت بين أصابعي
نصف صغير حزين، لا يصلحُ أن يكون قشة
في زمنٍ صار فيهِ القش أحد أدوات النجاة من الغرق.
لو كان يتكلم؛ لتوسّل إليَّ أن أتركهُ وشأنه
أو أن أرميهِ في أقرب سلة للمهملات
وربما طلبَ منِّي أن أقتله تماماً كما حاول صديقي
دون أن أشغله بسؤال البشرِ عن الأسباب.
كل هذا كان يدور في رأسي
ونصف عود الكبريت مستلقياً يتوسّط كفّي
أتفحصه كنبيٍ يحمل رسالة أثقل منه
فكّرت، كيف للنبوة أن تكون عقاباً
غضبٌ رباني لا يزول
إلا بسقوط الله عن العرش
لكنهُ الله، جل جلاله/ خير الماكرين.
ذهبت لغرفتي، أخذتُ كل الأوراق والكتب والكراتين
كل ما يمكن أن يبعث مزيداً من ضوء النار في هذا الليل
وابتعدتُ أحملهم بعيداً
نصف عود الثقابِ في جيبي
وفي رأسي مشاهد من نهايات العالم.
نصف عودالكبريت لم يكن مثلي، حائراً
لم يكن يفهمُ شيئاً أو هكذا بدا لي.
غنّيت له أغنية أقل سذاجة وبصوتٍ جنائزي
يليقُ بوقفته بين الأوراق والكتب والكراتين
استخدمتُ ولاعتي لابدأ مراسم الحداد
أراقب موته وفناء رماده، أخبرته حينها
أنني كنتُ أتمنى لو كان يشاهد معي نهايته
ليخبرني، هل فعلاً قد اختلفَ الموت؟
أم أن هذا فقط ما يقولهُ الأحياء.
محمود المنيراوي