صلاح باديس: نصان

CHINA. Shaanxi province. 2006.

Gueorgui Pinkhassov, China, 2006. Source: magnumphotos.com 

سراب
المجاز سراب، “مجاز الباب” العبور والباب مجاز العابرين والحائبين أيضا، المبتلون بطوابير لا تنتهي.
في السفر وفي الكتب يجتمع الناس وتلتقي الكلمات، تشدُّ وتربط وتحزم لترمى على جانبي الطريق ومع اكتمال كل مرحلة تفترق النقاط الحرارية (نحن) كذرات على سطح الشمس – تتناطح الذرات على سطح الشمس وتتلاحم ثم تنفجر الكتل وتتشذّر – الشمس… تعريفينها؟ تلك التي يعكس القمر ضوءها، القمر الذي كان كبيرا كما لم يكن. عكس نوره على البحر الذي كان صافيا كما لم يكن، وجعل الشيخ الأسود الذي هاجر قبل قرون من صحراءه حيث السراب مجاز لتعب الرائي ورغبته – باحثا عن مجاز أقل عنفا ليتواجد فيه بعد أن كاد يهلك في المجاز الأول. قال الشيخ بحكمة يستلزم وجودها من موقعه هذا: البحر يشفي الجروح ولكنه يسرق منها حرارتها يصقل الروح كقطع الزجاج يفقدها زواياها الحادّة لتصبح باردة وملساء.
حُبْ
بعد أن نستهلك جرعتنا من الحب دفعة واحدة وبعد أن نغرق في كل ما اعتبرناه كليشيه متعلق بالأفلام والكتب والموسيقى وأرباح الشركات العالمية الكبرى، بعد كل هذا سنشعر بأنّ شيئا ما مفقود… شيء بحجم حبة بازلاء سننشغل بالبحث عنه لنعيد لحبنا كماله الأبدي، سنفقد الشغف أو ما تبقى منه خلال بحثنا هذا
سأقرأ كتبا كثيرة ستتصفحين مجلات كثيرة، سأتوحد في غرفتي ساعات طويلة ستطلين من نافذة الكمبيوتر ساعات طويلة، سنسبُّ شركة الاتصالات وشبكة الإرسال في كل مكالمة، وسننسى موضوع المكالمة ونحن نبحث عن مكان لا ينقطع فيه الارسال. سأكتب قصيدة ونحن نتراسل بالايميل وستشرحين لي كلمة: ennui – ضجر: هو شعور بالقرف. لا تريد أن تفعل شيئا. ولا تجد شيئا لتفعله. تريد أن تفعل شيئا ولكنك لا تستطيع. سأفهم أنه شللٌ يسكن بين الرغبة والفعل، سأفهم أيضا أن الضجر هو حبة البازلاء التي قطفناها وأكلناها فعدنا من مشاريع المستقبل الوردية إلى الحياة وهو أيضا الإرسال الذي وجدناه قويا و لكننا لم نجد شيئا لنتحدث عنه.
سأترك يوما كل الكتب وأحاول إسقاط ما أقرئ علينا: الحنين يخص الماضي والمشاريع تخص المستقبل – وهذان لا يخصاننا. نحن لنا الحاضر والحاضر له الضجر.
صلاح باديس