أحمد الفخراني: ملك العالم يقابل كاي باركر

s-l1000

1980s publicity photo autographed by Kay Parker. Source: ebay.com

.

من يملك القبو يملك العالم.
قالت العرافة العبارة بجلال، وهى تئن فوق قضيب سمير الحكيم.
أما سمير الحكيم، فلم يحتاج إلى الكثير من التفكير ليقول: والقبو ملكى… إذن أنا أملك العالم.
رفسها، ثم رفع السوستة وغادر قبل أن يمنح العرافة الفرصة لأن تضيف عبارة أخرى، فعبارات العرافين والحكماء المكثفة والشاعرية كما يرى سمير ليست سوى كلمات ملتبسة لا تغني ولا تسمن من جوع، هدفها أن تقال بجلال دون أن تتورط فى الخير أو الشر.
ركب بساطه السحرى، عربة بيجو من موقف عبود، ليعود إلى قبوه فى طوخ، حتى يفكر كيف يستغل تركته وثراءه الفاحش: امتلاك العالم.
فى مقعده بجوار شخص له رائحة نتنة، واتته خاطرة جديرة بأن تتحول لخطة: أن يعيد تشكيل العالم.
عندما وصل، طالبه السائق بالأجرة. فكر ألا يدفع، كيف لمالك العالم أن يدفع، لكنه آثر أن يؤجل إعلانه الخبر قبل أن يتمكن من السيطرة الفعلية.
أجر فثبة إلى حيث يرقد القبو فى سلام. مركز العالم المتشاحن، الذى لم يلتفت يوماً ولو على سبيل العطف لشخص أفنى ٤٠ عاماً من عمره فى البحث عن كنز لا يفنى، كنز ليس اسمه القناعة، لا أحد يمتلك العالم بالقناعة، القناعة ككلمات العرافين، هدفها أن لا تتورط فى الخير أو الشر وأن تترك لآخرين امتلاكك شخصياً.
سأل سائق الفثبة: ماذا تفعل لو منحك الله توكيلا بامتلاك العالم؟
ضحك السائق قبل أن يجيب: هشترى فثبة تانية… أسطول فثب. وأقعد على القهوة ملك.
أما سمير، فلم يجد إجابة مقنعة ترن فى رأسه. هو أيضا لا يعرف ما ينبغى فعله بامتلاك العالم. يملك افكاراً، لكنها لا تليق بجلال السؤال، كلها ترهات: سيكبر عضوه مثلاً، سينام مع هيفاء وهبى دون أن يخشى سرعة القذف ودون أن يضطر لاستعمال تايجر كينج. لكنه يملك فى النهاية عنواناً عريضاً لمشروع طموح (إعادة تشكيل العالم)، لا يهم الآن كيف ستسير، الإلهام سيأتيه لاحقاً.
على الطريق، خرج ثلاثة بلطجية. أوقفوا الفثبة، طلبوا من سمير والسائق أن يسلّما كل شىء: النقود، الموبايلات، الفثبة.
قبل أن يستجيب سمير، فكر فى اختبار قوته كملك للعالم. غمّض عينيه وبدأ فى إقناع الأشجار على جانبي الطريق أن تقتلع أعين البلطجية، وما إن بدأت الأشجار فى التحرك حتى فكر فى التراجع. لا يجب أن يحرق قوته الآن.
فقام بالتفاوض:
أملك عرضاً أكبر، أملك كنزاً.
لو تركتونا، سأمنحكم إياه.
لم يكن سمير ساذجاً، كان يخطط لشيء آخر، أو هكذا يبدو، حتى أنه أخفاه عني كراوٍ عليه أن يعلم كل ما بطن وخفى ليستطيع أن يقص عليكم شيئاً محكماً.
wpid-img_5679-2013-04-24-06-03.jpg
سخروا منه، لكنه واصل:
“أملك الكثير من الآثار… فى قبو، كل ما أحتاجه هو قليل من الحَفْر. سنتقاسمها نحن الخمسة ونصير أغنياء”.
أظهر لهم خريطة رسمتها له العرافة. من أجلها باع ميراثه القليل ليشترى البيت الذى يحمل القبو، الذى يخبىء الكنز: امتلاك العالم.
سمير لم يكن مولعا بالآثار قط. هو مجرد جَمّيع فى دار نشر. يعمل فى الصباح، يجلس على المقهى مساء، ويضاجع زوجته أو يشاهد مسرحيات محمد نجم على موجة كوميدى فى الليل. ولم يكن يشعر بأن شيئاً ناقص. بل على العكس، كان يشعر بامتلاكه للعالم.
لكنه صحا ذات يوم صارخاً: لا أرغب فى الموت.
كان الكابوس الذى راوده بسيطاً، خلاصته أن لا شىء حقيقي فى هذا العالم، وأن ما يحدث حوله محض تمثيلية. لا معنى لشىء، لذا عندما أعد لنفسه فنجان القهوة، ومع أول نفس لسيجارته الأولى، عرف أن عليه أن يعدّل صرخته من “لا أرغب فى الموت” إلى “أنا ميت بالفعل”.
لذا بحث عن سرابه بيديه، عن شيء ما يمنعه من الانتحار. قضى ليالي طويلة فى الحفر، جاب بلاداً لم تخطر على باله، أصبح زبونا مهما لدى كل السحرة والعرافين فى المدينة.
فى كل مرة كانوا يقدمون إليه خارطة لا تصل به إلى شىء، وحكمة ملغزة… كلما وصل إلى مغزاها، كلما اكتشف أنهم مهرجون.
لم يعثر على شيء، ولم يرغب أبداً فى العثور على شيء. كل ما أراده أن يثابر على الوهم، كى يتمكن من الاستمرار فى الحياة دون أن يقطّع شريانه.
حتى وصل إلى عرافة، قدمت إليه كالآخرين خريطة وحكمة، لكنها أضافت إليها شيئاً، لم يجده لدى من سبقوها: الجنون.
كان يحتاج إلى رفقة لعبور الطريق وها هي: ثلاثة بلطجية وسائق.
لم يقتنع البلطجية بل على العكس، طورت قصته رغبتهم من مجرد سرقته لرغبة فى إذلاله.
أجبروه على خلع ملابسه ، سرقوها وعلموا على مؤخرته بمطواة، بينما تركوا السائق محتفظا بملابسه مكتفيين بالفثبة ودبلة.
انهار باكياً، بين يدى السائق. قال: كيف يهينون ملك العالم؟
للحظات، تبدى له السائق كدليل، كملاك.
بحث عن الأجنحة، لم يجد.ل كن عمود نور يصل بين السماء وبقعة الأرض التى يقف عليها السائق تكشفت.
قال السائق: لو كنت استخدمت قوتك، لاحترقت وسُلب مجدك المنتظر. تلك أول خطوة فى امتلاك العالم: الحكمة.
ثم صعد: طاقة النور ابتلعته.
الحكيم العارى تساءل بغضب: أى حكمة تترك صاحبها عارياً، بجرح فى مؤخرته.
انطفأ الطريق، حتى من النجوم. لا مارة، لا ظلال، لا عواميد إنارة، لا فثب تمر أو عربات، إلا ماكينة حلويات أضاءت من بعيدكسراب.
هاجس مر بعقل سمير الحكيم، هل انطفىء الطريق ليستر عورته؟ هل انقطع العالم إلا ماكينة الحلويات كى لا يتيه،. كن تلك الماكينة، تحديداً الروح التى تسكنها، هى عدوته.
فى العمل، هناك ماكينة للحلويات تشبهها لم يُجد استعمالها أبداً. كانت تمثل له عنجهية طبقة لم يفهمها، يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويتحكمون بالعالم كقطعة صلصال: يترقون أسرع، بأقل شقاء ممكن، وبأقل موهبة متاحة، متحفزين لأن يقتلوا ببرود كل من يملك كرامة ويمثل تهديداً لمكانتهم، ولا يجيد التعامل مع ماكينة الحلويات. لكنهم فى النهاية كانوا أكثر خفة، أجسادهم تحديداً.
سمير الصامت دوماً المستكين بما يغري بأن تخترقه ولو بعضوك فى مؤخرته، كان يملك قول لا. فقط يختزنها فى صمته لينفجر بها بدوي منطقي، دوي يخرس ماكينة الحلويات إلى حين.
لكن ماكينة الحلويات هى الأخرى تصمت إلى حين، تستعد للحصول على كل كويناته دون أن تمنحه ولا قطرة كوكاكولا واحدة تبل الريق، لإحراجه وهو يحاول أن يرفصها بقدميه لإخراج أى شىء.
للماكينة سر فك سمير الحكيم طلاسمه ذات مرة.
تلك الماكينة مسكونة بروح ساحرة حبيسة أحلامها.
أدرك ذلك خلال رحلته. حياته الأخرى التى أهداها إياه عراف مجنون.
كان عليه وفقا لخريطة الآثار أن يسلم شحنة من الكراميل وأن يقايضها بأفلام لكاي باركر، ممثلة البورنو الأشهر، ليسلمها إلى العراف المجنون، ليكشف له عن نقطة أخرى فى خريطة امتلاك العالم.
وجد نفسه فوق ظهر سحابة. كانت السحابة تخفى سفينة، لا تظهر إلا اذا سارت فى البحر. لم تكن مهمة، كانت ولوجاً جديداً فى المتاهة، مفتاحاً لامتلاك العالم.
سمير تخلص وقتها من أدائه كجّميع فى دار نشر، وبدأ فى التصرف كقبطان… حتى أنه أوقف السفينة عند إحدى محلات وسط البلد ليشترى بايب، فكل معلوماته عن البحر لم يعرفها إلا من كارتون باباى.
wpid-img_7798-2013-04-24-06-03.jpg

لكن الرحلة لم تكن باليسيرة، وكشفت المواجهة الأولى للسفينة مع حوت مخمور أن التصرف كقبطان لا يعنى فعلاً أنك صرت قبطاناً. احتاج الأمر إلى ما هو أكثر من شراء بايب، وعرف أن الناقص هو إيمانه بأن الأمر محض تمثيلية كما الحياة، لذا أمر أهل حارته أن يبدأوا فى تصويب المدافع على الحوت.
صرخوا: لا توجد مدافع فى السفينة.
الحوت المخمور ضرب السفينة بذيله، أصر: أطلقوا المدافع.
الصرخة أظهرت المدافع بالفعل، خرجت من رحم السفينة. فجأة، بدأ البحارة في الإيمان بقدرة قبطانهم فبدأوا فى إطلاق النيران، لكن المدافع لم تطلق نيراناً، فقط ألعاباً نارية وأطباق جيلى.
شخر البحارة، لكن الحوت المخمور أعجبته الألعاب النارية واهتزاز الجيلى أغرقه فى الضحك.
لما انقلب على قفاه من الضحك قال: ستلتهمك كاي باركر بكسها، كما التهمت كويناتك الضائعة.
ثم بصق على السفينة، قائلاً قبل أن يرحل: أنتم مثيرون للشفقة.
بلع سمير الإهانة مصمماً على إكمال الرحلة، وإن كانت كلمات الحوت المخمور قد أصابته بشك فى مساره الجديد.
فى منتصف الطريق، قابل ملاكاً يحاول إصلاح جناحه بإبرة وخيط.
قرر أن يعطيه قليلاً من الكراميل.
أرسل له أحد البحارة بطبق.
لكن الملاك رده.
فذهب إليه سمير بنفسه، ما إن اقترب بالسفينة من الملاك حتى فوجىء بإعصار يبتلعه. وجد نفسه مقيداً وسط مجموعة من الشياطين والمردة والإنس العالقين بذنوبهم.
ضحكوا أول ما رأوه: لقد وقع فى الخدعة مغفل آخر.
عرف أن الملاك ليس ملاكاً وإنما حارس قلعة كبرى تملكها حورية بحر، تستغل الشياطين والمردة والإنس فى أعمال السخرة، ليس عقاباً على ذنوبهم ولكن على شعورهم بالذنب.
سأل: ولم ادعى أنه ملاك؟
أجابوه: الفضيلة أفضل غطاء للشياطين.
قبل أن يسأل عن خطيئته، تقدم حارس القلعة وجره إلى حيث تقطن صاحبة القلعة.
أول مارآها عرفها: كانت كاي باركر، الساحرة، تماماً بهيئتها فى فيلم البورنو “كيت آند ذا إنديان”، داخل ماكينة الحلويات ذاتها التى تعذبه. لم يرها فى أفلامها الأكثر انتشاراً والأقل سحراً “برايفت تيتشر” وسلسلة أفلام “تابو”.
عارية على العرش وتؤدى طقوس غريبة أشبه بالصلاة، قوية تملك الأثداء المحببة لأم، وعاهرة. للمرة الأولى يراها فى ذيل حورية البحر.
رفعت رأسها نحوه فأصابته رجفة. لقد وقع فى العشق. هى حوريته التى بشرته بها العرافة وهى تأن فوق قضيبه.
لم تكن تلك الكاي باركر سوى الروح الحبيسة داخل ماكينة الحلويات، الهيئة الأكثر اكتمالا لها: أميرة البحار وسيدة العرش المهدد بالفناء.
ركع سمير أمام العرش ركعة عاشق فيما انتصب عضوه بكرامة من يأبى الركوع.
سألته: أى خطيئة اقترفت؟
قال: تبعت سرابى.
قالت: لماذا أعطيت الملاك الكراميل؟
قال: كان جائعاً.
قالت: لكنه لم يكن ملكاً لك. كان عليك أن ترسله غير منقوص لتبعث بأفلامى إلى العرافة… لقد خنت الأمانة.
تكلم عضوه الذى لا يعرف إلا الانتصاب: أى أمانة، أنت مجرد ممثلة بورنو.
قالت بهدوء: الرذيلة أفضل غطاء للملائكة.
ثم أمرت بحبسه فى غرفة وتقييده وتعذيبه بمص قضيبه – صاحب الكرامة – لكسره.
لكنه تحمل أربعين ليلة، حتى كُسرت كرامتها، وفاض كسها بكوينات عمره الضائعة على ماكينة الحلويات.
كسرها فى جنونه، لكن ما أن عاد إلى العمل حتى عاد كل شىء إلى طبيعته.
لم ترفضه فقط ماكينة الحلويات، بل إنها رفضت استقبال كويناته ولو على سبيل السرقة. كانت تلفظها بقوة، كادت أن تطيح بإحدى عينيه ذات مرة.
ثم تحول كل شىء إلى عذاب. الكل يرفضه: رفاقه فى العمل، زر الأسانسير، أكواب القهوة، أزرار الكيبورد الذى يجمع عليه هراء كتاب فشلة.
زوجته تساءلت عن عضوه المنتصب دوما بلا فائدة دون أن يلج شيئاً حقيقياً. يسير فى الشارع بعضو منتصب وحياة مكسورة.
كان قد سلم شحنة الأفلام إلى العرافة فمنحته السر.
لكن فى العمل، صار المجنون الذى يصرخ فى ماكينة حلويات، يجادلها، يستعطفها، يقرأ القرآن لإخراج الروح الشريرة التى تسكن بها، يطوف حولها بالبخور يطلب حماية الله من أكياس الشيبسى والمولتو والكولا الدايت.
wpid-img_7528-2013-04-24-06-03.jpg
عارياً فى الطريق المظلم، وبجرح فى مؤخرته، تقدم نحو ماكينة الحلويات. دارت الفكرة فى رأسه مائة وثمانين درجة ليراها هكذا: أكان للطريق أن ينطفىء، لتفضحه ماكينة الحلويات؟
تجلت مرة أخرى الروح التى تسكن الماكينة فوق عرش من أزبار وأثداء: عرش فى منتصف دائرة.
صرخ فى منتصف الطريق: أنا ملك العالم، أملك القبو، والسر. وأعرف الخمر الجيد من سواه.
الدائرة تكشفت أكثر حول ماكينة الحلويات. كاي باركر تقف فى منتصفها بشموخ، بينما يشتعل الجنس الجماعى بالأجساد على محيط الدائرة التى بدت للحكيم منطقية. ذكر وأنثى يكرران الوضع فى نمطية لا تقلق أحداً، بينما تقف كاي باركر فى المنتصف وفى يدها رق يظبط الايقاع. 69
فى أحد الكتب التافهة التى جمعها، كان أحدهم يثرثر عن أن كل شىء ما هو إلا دائرة: الحياة تتكرر، كل شىء هو كل شىء، كل الصباحات، كل الليالي، كل المضاجعات… الكلام المعسول، خيبات البشر وانتصاراتهم. الحياة والموت.
هو ذاته الكابوس الذى رآه: طريق مظلم تضيئه امرأة العرش وسط دائرة من الأجساد المتعانقة على طريقتها. الكابوس الذى جره إلى رحلة امتلاك العالم، ليكتشف أنه وجهاً لوجه أمام ما هرب منه.
اقترب أكثر، ميز بعض الأجساد. على عكس ما كان يؤمن وصل لقناعة جديدة: العري لا يجعلنا نتشابه، العري يميز الأجساد أكثر، لكن ذلك لا يـتأتى إلا لمن تتملكه بصيرة نافذة، كتلك التى أصابته فجأة.
تلك أجساد العاملين معه فى دار النشر: المتحذلقين، متحدثي الإنجليزية بطلاقة، من يقرأون كتب التنمية البشرية ويحصلون على كورسات فى كل شيء، بدءً من الإدارة الفعالة للذات وحتى الإدارة الفعالة للكون. هؤلاء الذين يحصلون على فرصة فى الحياة، بإجادتهم التعامل مع ماكينة الحلويات.
ذكروه بجسده الضعيف فى حلقات الذكر، يصير خفيفاً طوافاً، قابلاً للخرق دون أن يشعر. هم غلابة مثله إذن، وضعاف. تلك الأجساد التى ترسم دائرة ثقوب وأعضاء غارقة فى الوجد خارج الزمن.
لم يعرف سمير الحكيم خطوته التالية: هل ينضم إلى متصوفة الجسد هؤلاء، أم يسرتن بعضوه المنتصب. سألها: أى يد أنت؟ خير أم شر؟
يد الكاي باركر اختطفته بجوراها على العرش المهدد بالفناء، أجابته: لا يوجد خير أو شر… نحن فقط نلعب.
طرقعت بأصابعها، لتفيق دائرة الأجساد قائلة: هللوا لملك العالم.
استعاد الطريق أضواءه، لتتحول نقطة النور الوحيدة إلى حفل صاخب، والأجساد إلى مهرجين وراقصين يتعرون راغبين فى إغرائه، إناث وذكور… وهو الأمر الذى لم يثر حفيظة الحكيم، على عكس توقعاته عن نفسه: “امتلكهم الآن وللأبد”.
سلمته كاي باركر سبعة مفاتيح عبارة عن سبع كوينات أسمتها مفاتيح اللذة السبعة: “مفاتيح تخترق كل الثقوب”.
ثم انطفأ كل شىء.
وجد سمير نفسه مطروحاً على مؤخرته وجرحها ينزف بلا هوادة، فى يده مفاتيح اللذة السبعة.
وحيداً فى القبو، مركز العالم المتشاحن.
لم تكن هناك آثار، فقط ظلمة، وضوء فى البعيد، دائرة محاطة بعتمة أكبر. سار نحوها وفى يده مفاتيح العالم السبعة.
لم يكن الضوء سوى كس كاي باركر، فتحة الكوينات فى ماكينة الحلويات. ولم تكن دائرة العتمة حول الضوء سوى شعر الكس،م وضة أفلام البورنو فى السبعينات.
لم يكن القبو سوى المسافة بين فخذيها الطويلين طول المسافة التى قطعها طيلة 40 عاماً. سير بلا طائل، عود على بدء.
أنهكته المسافة بينما الضوء،كس كاي باركر الرائع، يبتعد أكثر.
مفاتيح اللذة السبعة التى لم تكن سوى كوينات، جرى أحدها ليبتلعه كس ماكينة الحلويات. تكشف له جدار القبو، فخذها: كان ليناً كقطعة الصلصال، بل هو بالفعل قطعة صلصال.
وبدأ فى تشكيل العالم كما شاء. لم يبن قصرا، لم يضاجع هيفاء وهبي، لم يكبر عضوه.
بل بنى أشكالاً بلا معنى هو وحده كان يدرك مغزاها. عالمه.
كلما نفذ عاد الفخذ إلى هيئته، يرمي بكوين آخر للكس الجائع فيستعيد هيئة الصلصال.
انتهت الكوينات السبعة. لم يجد سوى عضوه. امتد ليصل إلى الضوء. الكس يتأوه ويقذف بكل زجاجات الكوكاكولا والشيبسى والمولتو حتى فرغت قبل أن يقذف الحكيم بمائه. وعندما فعل، سرت الحياة فى الأشكال التى بناها من الصلصال.
أشكال غير مفهومة، تحيا فى الدائرة، تقتل بعضها بانتظام لتنتخب بقاءها.
حاول الحكيم أن يقلل من تشاحنها بمقتطفات يعرفها من جمعه لكتب التنمية البشرية والتحكم الفعال فى الذات، من كلمات الحكماء والعرافين، من تعاويذ السحرة والفقهاء.
لكن الأشكال غير المفهومة لم تفهم: لماذا يتلو عليها ما سرق عمره، ما أزاحه عن استكمال الحياة؟
بين فخذى ماكينة الحلويات، حفروا له قبراً كبيراً، وضعوه فيه. ثم تحولوا إلى منتجات جديدة فى الكس الجائع.
وهم يهيلون التراب عليه فكر الحكيم ماذا لو لم تكن كاي باركر بهذا السوء الذى لقنوه إياه؟ ماذا لو كانوا استنفذوها كجسده؟
عندما أتاه الموت ليستكمل الدائرة، استقبله الحكيم بابتسامة هادئة تليق بملك انتهى لتوه من اللعب، فيما لم يمنحه الموت فرصة أن يضيف إحدى عبارات العرافين والحكماء الملتبسة.
أحمد الفخرانى
21 فبراير 2012